النص الكامل لمقالي المنشور في العدد 28 من مجلة (النيل والفرات) بتاريخ 15
أكتوبر 2022
نقطة ومن أول
السطر:
القصة الومضة (2 من 4)
بقلم/ مجدي
شلبي
تحدثت في
مقالي السابق عن (القصة الومضة) كجنس أدبي مستقل ومتفرد ومتميز عن باقي الأجناس
الأدبية الأخرى، وانتقالي به من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي من خلال
الكتب الورقية، التي تضم أفضل إبداعات كتاب رابطتنا ونقادنا الكبار، إضافة إلى
الملتقيات الأدبية، التي أنظمها لرواد وعشاق هذا الفن الأدبي المبتكر، وقد وعدت أن
أشير هنا إلى ماهية (القصة الومضة)، والفارق بينها وبين (القصة القصيرة جدا)؛ وها
أنذا الآن أفعل:
تنبني القصة
الومضة ـ كما أشرت من قبل ـ على فكرة المزاوجة بين التوقيعات الأدبية (أدب الحكمة
"الومضة" بخصائصها الأربع: التكثيف ـ المفارقة ـ الإيحاء ـ الخاتمة
المباغتة)، وبين فن "القص الومضي" (الذي لا وقت فيه للإسهاب المطول أو
الإطناب الزائد؛ بل يأتي متوافقا مع ما للومضة (البرقة الفيزيائية) من خصائص: ضوء
فائق السرعة (التكثيف)، الذي ينتج عن اصطدام سحابة موجبة بسحابة سالبة (المفارقة
بين شطري النص)، فينهمر المطر إلى الأرض؛ فيعم خيره (الإيحاء الذي يفتح باب
التأويل ولا يقصره على دلالة وحيدة؛ محدثا حالة من الاندهاش)، وغني عن القول أن
الصاعقة الرعدية تعادل في تأثيرها المفاجئ (الخاتمة المباغتة) في الومضة القصصية.
ومن ثم فالقصة
الومضة يجب أن تتكون من شطرين فقط، بينهما مفارقة (سبب ونتيجة أو فعل ورد فعل)؛
وهذه بعض الأمثلة من ومضاتي القصصية:
- اتساق:
أرنبوهم؛ كثر نسلهم.
ـ مشاهد:
أصابه العمى؛ هنأه المبصرون.
- هجرة: جاع؛
شبعت الحيتان.
وهكذا لا
تعتمد الومضات القصصية على جسد قصصي كامل بقدر اعتمادها على المفارقة (البرقية)،
التي هي أحد الخصائص التي يتميز بها هذا الجنس الأدبي، عن غيره من الأجناس الأدبية
الأخرى، خصوصا (القصة القصيرة جدا)، التي خلط البعض بينها وبين (القصة الومضة)
خلطا تعسفيا، أعد في مقالي القادم أن أدحض وأفند هذا الخلط، بمزيد من الإيضاح
المعتمد على نصوص تطبيقية للفصل العملي بينهما.