النص الكامل لمقالي المنشور في العدد 22 من مجلة (النيل والفرات) بتاريخ 15
يوليو 2022
نقطة ومن أول
السطر (2):
المعايير الموضوعية في نقد الأعمال الأدبية
بقلم/ مجدي
شلبي
لقد تحدثنا في
المقال السابق عن (الشللية)، وكيف أنها أصبحت ظاهرة يجب مقاومتها والتصدي لها؛
بغية الوصول إلى معايير موضوعية لتقييم المنتج الإبداعي، بغض النظر عن اسم أو شكل
أو جنس كاتبه، أو قوة ونفوذ ومصالح أعضاء شلته، الذين ينطبق عليهم وصف الشاعر
الشاذلي خزنه دار:
لا رأي فيهم
ولا قسطاس يضبطهم *** ولا اعتماد على نص من الكتب
إن لم توافق
معاني الشعر مشربهم *** غضّوا العيون ولو أوتيت قول نبي
وهنا يبرز
سؤال مهم: إلى متى يظل المبدع الحقيقي يعاني من هذا الميل والظلم، وتلك المعايير
المزاجية المرتبطة بالأهواء والمصالح والنفوذ في تقييم الإبداع؟؛ سؤال يجب
الاهتمام به، والوقوف عليه؛ للوصول إلى الجواب الشافي، اتساقا مع قول الشاعر
الأمير الصنعاني:
وقفت على
السؤال وما حواه *** وقوف محاول فهم الخطاب
فلما ذقت فحوى
ما حواه *** وقفت على الجوابات العذاب
إن الخطوة
الأولى على طريق إرساء قواعد المعايير المنضبطة؛ تكون في فضح بعض القائمين على
النقد، الذين لا يعنيهم الكشف عن مواطن الجمال والقبح في الأعمال الأدبية؛ قدر
عنايتهم بمواطن الجمال والقبح في مقدم العمل الأدبي ذاته أو مقدمته، خصوصا إذا كان
جمالها الأنثوي طاغيا!، ولسان حالهم يردد قول الشاعر إدريس جمّاع:
أعلى الجمال
تغار منّا *** ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسي
الوقار *** وتسعد الروح المعنّى
والخطوة
الثانية على طريق إرساء قواعد المعايير المنضبطة؛ تكمن في دراسة ما حدث من تطور في
النقد؛ بانتقاله من مرحلة النقد الانطباعي أو التأثري بدوافعه الذاتية، واعتماده
على الخلفية الاجتماعية والثقافية، والعوامل المؤثرة في تكوين شخصية الناقد... إلى
أن أصبح نقدا منهجيا يجب أن يراعي عدم التعصب أو التحيز أو المجاملة، بهدف أساسي
هو الارتقاء بالعمل الأدبي، وحري بهذا النقد أن يخضع للمراجعة من خلال ما يطلق
عليه (نقد النقد) الذي يصفه د. جابر عصفور: "بأنه قول آخر في النقد يدور حول
مراجعة القول النقدي ذاته وفحصه، ومراجعة مصطلحاته وبنيته التفسيرية وأدواته
الإجرائية".
وأما الخطوة
الأخيرة على طريق إرساء قواعد المعايير المنضبطة؛ فتتعلق بالمبدع ذاته الذي عليه
أن يتقبل النقد المنهجي دون حساسية مفرطة، أو عجرفة رافضة مغرقة.