النص الكامل
لمقالي المنشور في العدد 21 من مجلة (النيل والفرات) بتاريخ 1 يوليو 2022
نقطة ومن أول السطر (1):
(الشللية) تصيب الحياة الأدبية بـ (الشلل)!
بقلم/ مجدي
شلبي
لقد كبكب
الشلليون الأوضاع الأدبية رأسا على عقب؛ فأعقفوا مفهوم الأدب الذي يعني: "كل
ما يُتأدب به؛ فيحثنا على المحامد، وينهانا عن المقابح"؛ ليعكسوا معناه،
متخذين من الاعوجاج نهجا، و من الانحراف منهجا وسلوكا، ولسان حالهم ينطق بقول
الشاعر الجزار السرقسطي:
أَشقى لجدّك
أَن تَكون أَديباً *** أَو أَن يَرى فيكَ الوَرى تَهذيبا
فَإِن
اِستَقَمت فَإِن دَهرك كُلَهُ *** عِوَجٌ وَإِن أَخطَأت كُنتُ مُصيبا
تلك الإصابة
هي التي أصابت كف الإبداع بالشلل، وأضحى المبدع الحقيقي بين خيارين أحلاهما مر:
إما أن يبيع ضميره وينضم إليهم، زارعا بجوار فجلهم ـ الذي لا يثمر ـ أشجار إبداعه،
وإما أن يعتزلهم؛ محتفظا بتميزه وتفرده، معانيا من طغيان الكثرة الشللية، التي هي
كثرة أشبه بالغثاء، ومنتظرا أن تزول تلك الفقاعات الهوائية، بكل ما لديها من قوة
طمس ثلاثية؛ متمثلة في: المحسوبية والمزاجية والمصالح الشللية.
وهو انتظار
تصاحبه حالة من الأسى والأسف والحزن والاكتئاب؛ دافعة البعض للتوقف عن الكتابة،
والامتناع عن الإبداع، الذي لا يرى فيه المبدع فائدة ترجى؛ في ظل تلك الهيمنة
الشللية على الساحة الأدبية، ولسان حاله ينطق ببيت شعر لأُحَيحَةِ بنِ الجلاح:
فَإِن
تَعتَريني بِالنَهارِ كَآبَةٌ *** فَلَيلي إِذا أَمسى أَمَرُّ وَأَطوَلُ
تلك العزلة
التي يفرضها المبدع الحقيقي على نفسه؛ تتسق مع قول الشاعر أحمد زكي أبو شادي:
ولي منزل
لقّنته سر عزلتي *** فباركها ثم استحال شعارا
وكم من مبدع
قضى عمره في انزواء وعزلة؛ فلم يُلتفت إليه، ولم يُلقى الضوء عليه ـ إلا بعد
وفاته؛ حينئذ يظهر الشلليون، الذين تجاهلوه ـ بل وناصبوه العداء في حياته ـ بمظهر
إنساني مخادع، غير مدركين حقيقة ما ذكره الشاعر أحمد الصافي النجفي؛ بقولة:
نمَّ الخداع
بما تكنّ صدورهم *** إن الخداع لدى اللبيب زجاج
(زُجَاجٌ)
يكشف ولا يستر، يخذل ولا يحمي؛ لأن تلك الكثرة العددية، هي كثرة في النفاق والخداع
والجهل والضلال؛ يقول الشاعر لسان الدين الخطيب:
ولو أنهم
ملأوا البسيطة كثرة *** إن الكثير مع الضلال قليل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم إعادة نشر مقالي هذا في موقع دنيا الرأي على الرابط التالي:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2022/07/02/543111.html