الأدب والمستحيلات الأربعة! بقلم مجدي شلبي

 نقطة ومن أول السطر:

الأدب والمستحيلات الأربعة!

بقلم/ مجدي شلبي (*)

إن (الأدب) بمعناه الإبداعي؛ هو ما ينطلق من الواقع، محلقا بالخيال في عوالم موازية، بغية تغيير الواقع نحو الأفضل والأكمل والأجمل، وهو في مجال (الخيال العلمي) يلعب دورا أساسيا في تحفيز الفكر للبحث والتجريب والابتكار والتطور التكنولوجي المذهل الذي نعيشه.

ومن أمثلة ما مهد له أدب الخيال العلمي: روايتين لرائد هذا الجنس الأدبي الكاتب الفرنسي جول فيرن (1828: 1905) (خمسة أسابيع في منطاد) عام 1865، والثانية عام 1867 (من الأرض إلى القمر) التي تخيل فيها رحلة الإنسان إلى القمر، وهو ماتحقق بالفعل بعد أكثر من مئة عام، بالرحلة الشهيرة لمركبة الفضاء (أبولو 11) التي هبطت على سطح القمر عام 1969  وهي تحمل ثلاثة رواد فضاء. 

ورغم هذا المثال، وغيره من عشرات الشواهد القابلة للتحقق، إلا أن هناك بعض الخيال الذي يبلغ حد الاستحالة؛ مثال:  

(1) تفكيك البشر إلى ذرات غير مرئية وإعادة تركيبهم!؛ على نحو ما جاء في رواية (آلة التفكيك) آرثر كونان دويل (1859: 1930)؛ فبطل الرواية (تشالنجر)، يتصدى لوجود آلة عجيبة تفكك كل شيء ـ حتى البشر ـ إلى ذرات متناثرة غير مرئية، ثم تعيده إلى هيئته مرة أخرى.

(2) تمكن الإنسان من السفر عبر الزمن!؛ على نحو ما جاء في رواية (آلة الزمن) للكاتب هربرت جورج ويلز (1866: 1946)؛ فبطل الرواية (رحالة الزمن) صنع آلة مكنته من الانطلاق إلى المستقبل البعيد؛ فوصل خلال أسبوع إلى عام 802701 بعد الميلاد، وبعد هذه الرحلة التي استغرقت ثلاث ساعات أعادته الآلة إلى القرن التاسع عشر.

(3) وقوع الإنسان في حب الروبوت!؛ على نحو ما جاء في فيلم (هي) للكاتب والمخرج سبايك جونز؛ فالبطل (ثيودور) انجذب لـ(سامانثا: الصوت المؤنث لنظام OS1 "أذكى نظام تشغيل اصطناعي في العالم"، ورغم أن ذكاء سامانثا العالي ساعد ثيودور بطرق لم يستطع أحد مساعدته بها، إلا أنه ظل في صراعه الداخلي الناتج عن وقوعه في الحب مع شخص ليس له وجود بالمعنى الحقيقي.

(4) إنهاء الفصول الأربعة وتساوي الليل والنهار!؛ على نحو ما جاء في رواية (رأسا على عقب) للكاتب جول فيرن وهي تتناول مشروع هندسي طموح يهدف لتغيير ميل محور الأرض وجعله عموديا مثل كوكب المشتري، وهذا التغيير سيؤدي لإنهاء الفصول الأربعة وتساوي الليل والنهار وثبات المناخ في كل مكان في العالم على مدار السنة!.

وقد أسست هذه الرواية الأخيرة لنوع أدبي حديث؛ يواكب أزمة التغير المناخي، الذي يمثل خطرا يهدد العالم، وذلك من خلال روايات (الخيال المناخي) المستلهم من الخيال العلمي:

ـ ففي فرنسا، عرض مسلسلان جديدان بعنوان (الموجة الأخيرة) و(الانهيار).

ـ وفي كندا أصدرت الكاتبة الكندية مارغريت إلينور آتوود (عام الطوفان)‏ وتتناول تغوّل الرأسمالية على البيئة، وتحكي عن الوحشية وعواقب تدمير الحياة الطبيعية.

ـ وفي النرويج صدرت للكاتبة النرويجية مايا لوندي عام 2017 رواية بعنوان (حين اختفى النحل حلت الكارثة الكبرى)، وكانت تلك الرواية الأكثر مبيعا في ألمانيا وتُرجمت إلى 30 لغة، وهو دليل انتشار هذا النوع الأدبي الجديد.

وسواء كان أدب الخيال العلمي ـ بأصله وفرعه ـ مستحيلا، أو ممكنا حدوثه في المستقبل؛ فنحن في حاجة للاهتمام به، والحث عليه، وتشجيع الكتابة فيه؛ لدعم التطور، وتنمية الإبداع. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر