(14) شواهد شعرية في أغراض (الدرس) بشقيه
بقلم/ مجدي شلبي
(*):
ــ
الغرض العاشر من أغراض القريض:
1ـ (الدرس
والشرح)، 2ـ (الدرس والنصح):
ــ
(أولا) الدرس والشرح:
ــ يقول الشاعر/
صلاح الدين الصفدي:
احرص على سبق المدى في العلا *** واجهد على أن ترتقى غايته
وحصل العلم كما ينبغي *** ولا تدع فائدةً فائته.
ــ ويقول الإمام
الشافعي (رضي الله عنه):
تَعَلَّمْ فَلَيْسَ الْمَرْءُ يُولَدُ عَالِمًا *** وَلَيْسَ أَخُو عِلْمٍ
كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وَإِنَّ كَبِيرَ الْقَوْمِ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ *** صَغِيرٌ إِذَا
الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الْجَحَافِلُ
وَإِنَّ صَغِيرَ الْقَوْمِ إِنْ كَانَ عَالِمًا *** كَبِيرٌ إِذَا رُدَّتْ
إِلَيْهِ الْمَحَافِلُ.
ــ ويقول أيضا:
وَمَنْ لَمْ يَذُقْ مُرَّ التَّعَلُّمِ
سَاعَةً *** تَجَرَّعَ ذُلَّ الْجَهْلِ طُولَ حَيَاتِهِ
وَمَنْ فَاتَهُ التَّعْلِيمُ وَقْتَ
شَبَابِهِ *** فَكَبِّرْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا لِوَفَاتِهِ.
ــ ويقول شاعر الحمراء:
هو العِلمُ لم يُدرَك بغيرِ تَعَلُّمِ ***
ودونَ اجتهادٍ لا يكون التَّعلُّمُ
فقد قيلَ إن العِلمَ يُعطيكَ بَعضَهُ *** إذا
اعطَيتَه كُلا ولِلعَكسِ تَعلَمُ
مِنَ المَهدِ حتى اللَّحدِ كُن له طالِباً
*** كما جاء عمَّن عَلَّمُوا وتَعلَّموا
وكلُّ فتًى لم يَعتكف طولَ عُمرِه *** على طَلبٍ
لِلعلمِ لا شَكَّ يُحرَمُ
ومن لم يُكرِّس وقتَهُ وحياتَهُ *** له مِن
صِبا عُمرٍ إلى حينَ يَهرَمُ
فليس بهِ يَحظى ولا هو ظافِرٌ *** بِعِلمٍ
فَأخذُ العِلمِ من ذَاكَ أعظَمُ.
ــ ويقول الشاعر/
أحمد بامبا:
فسارعوا للعلم أجمعينا *** لوجه ذي الجلال قاصدينا
لا تقصدوا استمالة البرايا *** لكم ولا حوزكم الهدايا
تعلموا العلم لوجه الله *** دون المنافسة والتباهي
وإن تعلمت فبالله استعن *** ثم بإخلاص وقلب مطمئن
كالنحو والعروض والبيان *** ولغة العرب والمعاني.
ــ وحيث أن البيت
السابق يحثنا على تعلم النحو؛ الذي تُعتبر ألفية ابن مالك أنموذجا للدرس والشرح
فيه، وجب أن نشير إلى أن ناظم تلك الألفية الشهيرة هو: محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني المعروف بـابن مالك (600 هـ -672
هـ)، وهو عالم لغوي كبير ويعتبر أعظم النحاة في القرن السابع
الهجري، وقد عرض في ألفيته جميع قواعد النحو
والصرف العربي في منظومة شعرية يبلغ عدد أبياتها ألف بيت.
ولما كان من المستحيل عرضها هنا بكاملها؛ نقتبس منها بعض الأبيات حول
(الكلام وما يتألف منه)، (أفعال المقاربة)، و(كان وأخواتها):
ــ الْكَلاَمُ وَمَا يَتَألَّفُ مِنْهُ
كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيْدٌ كَاسْتَقِمْ *** وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ
الْكَلِمْ
وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالْقَوْلُ عَمْ *** وَكَلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ
يُؤمْ
بِالجَرِّ وَالتّنْوِيْنِ وَالنِّدَا وَاَلْ *** وَمُسْنَدٍ لِلإسْمِ
تَمْيِيْزٌ حَصَلْ
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي *** وَنُوْنِ أَقْبِلَنَّ
فِعْـــلٌ يَنْجَلِي
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ *** فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ
كَيَشمْ
وَمَاضِيَ الأَفْعَالِ بِالتَّا مِزْ وَسِمْ *** بِالنُّوْنِ فِعْلَ
الأَمْرِ إِنْ أَمْرٌ فُهِمْ
الْفَاعِلُ الَّذِي كَمَرْفُوعَيّ أَتَى *** زَيْدٌ مُنِيْرَاً وَجْهُهُ
نِعْمَ الْفَتَى
وَبَعْدَ فِعْل فَاعِلٌ فَإِنْ ظَهَرْ *** فَهْوَ وَإِلاَّ فَضَمِيْرٌ
اسْتَتَرْ
وَجَرِّدِ الْفِعْلَ إِذَا مَا أُسْنِدَا *** لاِثْنَيْنِ أَوْ جَمْعٍ
كَفَازَ الْشُّهَدَا
وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا *** وَالْفِعْلُ لِلْظَّاهِرِ بَعْدُ
مُسْنَدُ
وَيَرْفَعُ الْفَاعِلَ فِعْلٌ أضْمِرَا *** كَمِثْلِ زَيْدٌ فِي جَوَابِ
مَنْ قَرَا
وَتَاءُ تَأْنِيْثٍ تَلِي الْمَاضِي إِذَا *** كَانَ لأنْثَى كَأَبَتْ
هِنْدُ الأَذَى
وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمَرِ *** مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ
حِرِ
وَقَدْح يُبِيْحُ الْفَصْلُ تَرْكَ الْتَّاءِ في *** نَحْوِ أَتَى
الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ
وَالْحَذْفُ مَعْ فَصْلٍ بِإِلاَّ فُضِّلاَ *** كَمَا زَكَا إِلاَّ فَتَاةُ
ابْنِ الْعَلاَ
وَالْحَذْفُ قَدْ يَأْتِي بِلاَ فَصْلٍ وَمَعْ *** ضَمِيْرِ ذِي الْمَجَازِ
فِي شِعْرٍ وَقَعْ
وَالتَّاءُ مَعْ جَمْعٍ سِوَى الْسَّالِمِ من *** مُذَكَّرٍ كَالْتَّاءِ
مَعْ إِحْدَى اللَّبِنْ
وَالْحَذْفَ فِي نِعْمَ الْفَتَاةُ اسْتَحْسَنُوا *** لأَنَّ قَصْدَ
الْجِنْسِ فِيْهِ بَيِّنُ
وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِلِ أَنْ يَتَّصِلاَ *** وَالأَصْلُ فِي
الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفصِلَا
وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلافِ الأَصْل *** وَقَدْ يَجِي الْمَفْعُوْلُ قَبْلَ
الْفِعْلِ
وَأَخِّر الْمَفْعُولَ إِنْ لَبْسٌ حُذِرْ *** أَوْ أُضْمِرَ الْفَاعِلُ
غَيْرَ مُنْحَصِرْ
وَمَا بِإِلاَّ أَوْ بِإِنَّمَا انْحَصَرْ أَخِّرْ *** وَقَدْ يَسْبِقُ
إِنْ قَصْدٌ ظَهَرْ
وَشَاعَ نَحْوُ خَافَ رَبَّهُ عُمَرْ *** وَشَذَّ نَحْوَ زَانَ نَوْرُهُ
الْشَّجَرْ.
ــ أَفْعَالُ الْمُقَارَبَةِ:
كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لكِنْ نَدَرْ *** غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهذَيْنِ خَبَرْ
وَكَوْنُهُ بِدُونِ أَنْ بَعْدَ عَسَى *** نَزْرٌ وَكَادَ الأَمْرُ فِيْهِ
عُكِسَا
وَكَعَسَى حَرَى وَلكِنْ جُعِلاَ *** خَبَرُهَا حَتْمَاً بِأَنْ مُتَّصِلاَ
وَأَلْزَمُوا اخْلَوْلَقَ أَنْ مِثْلَ حَرَى *** وَبَعْدَ أَوْشَكَ
انْتِفَا أَنْ نَزُرَا
وَمِثْلُ كَادَ في الأَصَحِّ كَرَبَ أوِ تَرْكُ *** أَنْ مَعْ ذِي
الْشُّرُوع وَجَبَا
كَأَنْشَأَ الْسَّائِقُ يَحْدُو وَطَفِقْ *** كَذَا جَعَلْتُ وَأَخَذْتُ
وَعَلِقْ
وَاسْتَعْمَلُوا مُضَارِعَاً لأَوْشَكَا *** وَكَادَ لاَ غَيْرُ وَزَادُوا
مُوْشِكَا
بَعْدَ عَسَى اخْلَوْلَقَ أَوْشَكَ قَدْ يَرِدْ *** غِنًى بِأَنْ يَفْعَلَ
عَنْ ثَانٍ فُقِدْ
وَجَرِّدَنْ عَسَى أَوْ ارْفَعْ مُضْمَرَا *** بِهَا إذَا اسْمٌ قَبْلَهَا
قَدْ ذُكِرَا
وَالْفَتْحَ وَالْكَسْر أَجِزْ فِي الْسِّيْنِ مِنْ *** نَحْوِ عَسَيْتُ
وَانْتِقَا الْفَتْحِزُكِنْ.
ــ كان
وأخواتها:
تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمَاً وَالْخَبَرْ *** تَنْصِبُهُ كَكَانَ
سَيِّدَاً عُمَرْ
كَكَانَ ظَلَّ بَاتَ أَضْحَى أَصْبَحا *** أَمْسَى وَصَارَ لَيْسَ زَالَ
بَرِحَا
فَتىء وَانْفَكَّ وَهذِي الأَرْبَعَهْ *** لِشِبْهِ نَفْي أوْ لِنَفْي
مُتْبَعَهْ
وَمِثْلُ كَانَ دَامَ مَسْبُوْقَاً بِمَا *** كَأَعْطِ مَا دُمْتَ
مُصِيْبَاً دِرْهَمَاً
وَغَيْرُ مَاضٍ مِثْلَهُ قَدْ عَمِلاَ *** إِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَاضِ
مِنْهُ اسْتُعْمِلاَ
وَفِي جَمِيْعهَا تَوَسُّطَ الْخَبَرْ *** أَجِزْ وَكُلٌّ سَبْقَهُ دَامَ
حَظَرْ
كَذَاكَ سَبْقُ خَبَرٍ مَا الْنَّافِيَهْ *** فَجِيء بِهَا مَتْلُوَّةً لاَ
تَالِيَهْ
وَمَنْعُ سَبْقِ خَبَرٍ لَيْسَ اصْطُفِي *** وَذُو تَمَامٍ مَا بِرَفْعٍ
يَكْتَفِي
وَمَا سِوَاهُ نَاقِصٌ وَالْنَّقْصُ في *** فَتِىءَ لَيْسَ زَالَ دَائِمَاً
قُفِي
وَلاَ يَلِي العَامِلَ مَعْمُولَ الخَبَرْ *** إِلَّا إِذَا ظَرْفاً أَتَى
أَوْ حَرْفَ جَرّ
وَمُضْمَرَ الْشانِ اسْمَاً انْوِ إنْ وَقَع *** مُوْهِمُ مَا اسْتَبَانَ
أَنَّهُ امْتَنَعْ
وَقَدْ تُزَادُ كَانَ فِي حَشْوٍ كَمَا *** كَانَ أَصَحَّ عِلْمَ مَنْ
تَقَدَّمَا
وَيَحْذِفُوْنَهَا وَيُبْقُوْنَ الْخَبَر *** وَبَعْدَ إِنْ وَلَوْ
كَثِيْرَاً ذَا اشْتَهَرْ
وَبَعْدَ أَنْ تَعْوِيْضُ مَا عَنْهَا ارْتُكِبْ *** كَمِثْلِ أَمَّا
أَنْتَ بَرًّا فَاقْتَرِبْ
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ *** تُحُذَفُ نُوْنٌ وَهْوَ حَذْفٌ
مَا الْتُزِمْ.
ــ ما
الطريقة المثلى لحفظ الألفية:
النص الكامل لفتوى منتدي مجمع اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية؛ إجابة
على هذا السؤال: "الطريقة المثلى لحفظ الألفية وغيرها تحتاج إلى أمرين مهمين:
أحدهما: الحفظ بالطريقة المناسبة لملكتك واستعدادك، ولا تكلفها فوق طاقتها، فحفظك
للشيء القليل مع التكرار والاستمرار خير من حفظ الكثير مع الانقطاع ثمّ الترك،
وكلّ من سار على الدرب وصل. الثاني: أن يكون لديك رغبة في حفظ ما تريد حفظه، فإن
لم يكن لديك رغبة، فابحث عن متن آخر، أو كتاب آخر تحفظه أو تديم النظر إليه حتى
تفهمه، ومن فهم فقد حفظ، ولا يجوز قهر النفس على حفظ مالا تحب. وللمجمع حلقات
منتظمة في شرح الألفية شرحًا موجزًا، تنشر تباعًا على قناته، عنوانها (نثر
الألفية)، لعلك تجد فيها ما يعينك على فهم ما تحفظ".
ــ شروح
ألفية ابن مالك:
مع ماقيل عن أهمية حفظ الألفية للإحاطة بالقواعد النحوية والصرفية؛ أضحى من
الضروري أن يواكب هذا الحفظ، الاطلاع على شروح علماء
أجلاء عليها، وكان من أبرزهم: المكودي ــ الأشموني ــ ابن عقيل ــ ابن هشام ــ ابن
عثيمين ــ الشاطبي ــ ابن طولون... وغيرهم.
ــ
إشارة لألفيات أخرى في النحو والصرف:
لقد تفوقت ألفية ابن مالك على ألفية ابن معطي (564 هـ / 628 هـ)، حيث قال ابن مالك عن
ألفيته:
وَتَقْتَضِي رِضًا بِغَيْرِ سُخْطِ *** فَائِقَةً أَلْفِيَّةَ ابْنِ
مُعْطِي.
لكون ألفية ابن مالك تمتاز عن ألفية ابن معطي (الدرة الألفية في علم
العربية) بأنها من بحر واحد هو الرجز، أما ألفية ابن معطي من البحرين السريع
والرجز، وأنها أكثر أحكامًا منها.
إلا أن لجلال الدين السيوطي (849 هـ/1445م - 911 هـ /1505م) ألفية زاد فيها
على هذه كثيرًا، وقال في أولها:
فَائقَة ألفية ابْن مَالكِ ***
لكَونها واضِحَة المسَالكِ.
ونظم علي نور الدين الأجهوري المالكي (توفي ١٠٦٦ هـ) ألفية زاد فيها على
السيوطي وقال:
فَائقة ألفيَة السُيوطي ***
لكونِها محكَمَة الرُبوطِ.
ورغم أن ألفية ابن
معطي (الدرة الالفية) هي الرائدة في
هذا المجال؛ بنظمها الأسلس والأعذب إلا أن ألفية ابن
مالك تظل هي الأنموذج الأجمع والأمثل للدرس والشرح في مجال النحو والصرف.
ــ
(ثانيا) في الدرس والنصح:
وبالانتقال من
الشق الأول (الدرس والشرح)، إلى الشق الثاني (الدرس والنصح)؛ نستعرض بعض الشواهد
الشعرية في هذا المجال:
ــ يقول الشاعر/ الشاذلي خزنه دار:
الموت درس وعزرائيل ملقيه *** والخلق شرح وذات الصدع ترويه
لولاه ما عرف المخلوق خالقه *** فيا لمثله أستاذا نعاديه
وفسحة العمر أنفاس مقدرة *** كأنما هي دين نحن نقضيه
ما هذه الأرض إلا بعض من دثروا *** قد استحال ترابا منه باليه
هذا هو الشأن في هذه الحياة فهل *** فهمت ما أنت في دنياك لاقيه
الله أكبر ما منا سوى دنف *** يهوى الحياة كأن الموت ناسيه
أليس من عبث الأقوال قول فتى *** للغير عن طمع الله يبقيه
لولا المساواة في خطب المنون لما *** هانت رزية من قمنا نعزيه.
ــ ويقول الإمام/ علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه):
النَفسُ تَبكي
عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت *** أنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ
لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها *** إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها
بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُه *** وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ
الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً *** حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا
لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها *** وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن
مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت *** أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ
وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ *** مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ
يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها *** وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها.
ــ ويقول أيضا
الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه):
دَعِ الحِرصَ عَلى الدُنيا *** وَفي العَيشِ فَلا تَطمَع
وَلا تَجمع مِنَ المالِ *** فَلا تَدري لِمَن تَجمَع
وَلا تَدري أَفي أَرضِـ *** ــكَ أَم في غَيرِها تُصرَع
فَإِنَّ الرِزقَ مَقسومٌ *** وَسوءُ الظَنِّ لا يَنفَع
فَقيرٌ كُلُّ مَن يَطمَع *** غَنيٌّ كُلُّ مَن يَقنَع.
ــ ويقول الشاعر/
أبو العتاهية:
كُلٌّ عَلى الدُنيا لَهُ حِرصٌ *** وَالحادِثاتُ أَناتُها عَفصُ
أَبغي مِنَ الدُنيا زِيادَتَها *** وَزِيادَتي فيها هِيَ النَقصُ
وَكَأَنَّ مَن وارَتهُ حُفرَتُهُ *** لَم يَبدُ مِنهُ لِناظِرٍ شَخصُ
لِيَدِ المَنِيَّةِ في تَلَطُّفِها *** عَن ذُخرِ كُلِّ شَفيقَةٍ فَحصُ.
ــ ويقول الشاعر/
الميكالي:
دَعِ الحِرصَ وَاِقنَع بِالكَفافِ مِنَ الغَنى *** فَرزقُ الفَتى ما عاشَ
عِندَ مَعيشِهِ
وَقَد يُهلِكُ الإِنسانَ كَثرَةَ مالِهِ *** كَما يُذبَحُ الطاووسُ مِن
أَجلِ ريشِهِ.
ــ ويقول الشاعر/
ابن علوي الحداد:
إِذا شِئتَ أَن تَحيا سَعيداً مَدى العُمرِ *** وَتَجعَلُ بَعدَ المَوتِ في رَوضَةِ القَبرِ
وَتُبعَثُ عِندَ النَفخِ في الصورِ آمِناً *** مِنَ الخَوفِ وَالتَهديدِ وَالطَردِ وَالخُسرِ
وَتُعرَضُ مَرفوعاً كَريماً مُبَجَّلاً *** تُبَشِّرُكَ الأَملاكُ بِالفَوزِ وَالأَجرِ
وَتَمضي عَلى مَتنِ الصِراطِ كَبارِقٍ *** وَتَشرَبُ مِن حَوضِ النَبِيِّ المُصطَفى الطَهرِ
وَتَخلُدُ في أَعلى الجِنانِ مُنَعَّماً *** حَظِياً بِقُربِ الواحِدِ الأَحَدِ الوَترِ
عَلَيكَ بِتَحسينِ اليَقينِ فَإِنَّهُ *** إِذا تَمَّ صارَ الغَيبُ عَيناً بِلا نَكرِ
وَخُذ مِن عُلومِ الدينِ حَظّاً مُوَفِّراً *** فَبالعِلم تَسمو في الحَياةِ وَفي الحَشرِ
وَواظِب عَلى دَرسِ القُرآنِ فَإِنَّ في *** تِلاوَتِهِ الإِكسيرُ وَالشَرحُ لِلصَدرِ
تُدَبِّرِ مَعانيهِ وَرَتلِهِ خاشِعاً *** تَفوزُ مِنَ الأَسرارِ بِالكَنزِ وَالذُخرِ
وَكُن شاكِراً لِلَهِ قَلباً وَقالِباً *** عَلى فَضلِهِ ِنَّ المَزيدَ مَعَ الشكرِ
تَوَكَلَّ عَلى مَولاكَ وَاِرضَ بِحُكمِهِ *** وَكُم مُخلِصاً لِلَهِ في السِرِّ وَالجَهرِ
قَنوعاً بِما أَعطاكَ مُستَغنِياً بِهِ *** لَهُ حامِداً في حالي اليُسرِ وَالعُسرِ
وَكُن باذِلاً لِلفَضلِ سَماحاً وَلا تَخَف *** مِنَ اللَهِ إِقتاراً وَلا تَخشَ مِن فَقرِ
وَلا تَكُ عَياباً وَلا تَكُ حاسِداً *** وَلا تَكُ ذا غِسٍّ وَلا تَكُ ذا غَدرِ
وَلا تَطلُبَنَّ الجاهَ يا صاحِ إِنَّهُ *** شَهى وَفيهِ السُمّ مِن حَيثُ لا تَدري
وَإِن رُمتَ أَمراً فَاِسأَلِ اللَهَ إِنَّهُ *** هُوَ المُفَضَّلُ الوَهّابُ لِلخَيرِ وَالوَفرِ.
ــ ويقول الشاعر/
محمود الوراق:
لا تَحمَدَنَّ أَخا حِرصٍ عَلى سَعَةٍ *** وَاِنظُر إِلَيهِ بِعَينِ
الماقِتِ القالي
إِنَّ الحريصَ لَمَشغولٌ بِشِقوَتِهِ *** عَنِ السُرورِ بِما يَحوي مِنَ
المالِ.
ــ ويقول الشاعر/ مسكين الدارمي:
تعلم بأَنَّ الأصدقاء ثلاثة *** وَما كل من آخيته بصديقِ
وأَصفاهم وداً أَخو الطبع منهم *** وأَثبتهم في وحدة وفريقِ
فَذلك موثوق به في أُموره *** وَفي كل ما حالٍ أَعز وثيقِ
وأكذبهم وداً أَخو الكأس إِنَّه *** صديق صبوح دائم وغبوقِ
وَبينهما المضطر يلتمس الَّتي *** جميعهم فيها بكل طَريقِ
فَذاكَ تُدانيه فتدنيه مرةً *** وَتَجفوه أُخرى منك فعل رَفيقِ
تُكافيه في الحالاتِ ما كانَ يرتجى *** وَتحذر منه القرب عند مضيقِ
وَكلهم في طبعه يحذر الَّتي *** تضرّ وَيَرجو النفع كل شروقِ.
ــ ويقول الشاعر/
محمود سامي البارودي:
أَلَمْ تَعْلَمْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَبْقَى *** بِأَنَّ الصَّمْتَ مَنْجَاةُ
الأَرِيبِ
فَلا تَأْمَنْ عَلَى سِرٍّ حَبِيباً *** فَقَدْ يَأْتِي الْعَدُوُّ مِنَ
الْحَبِيبِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة
العامة لاتحاد كتاب مصر