نقطة ومن أول السطر (39): أدباء (فاشوش) وأوصاف أخرى! بقلم مجدي شلبي

نقطة ومن أول السطر (39):

أدباء (فاشوش) وأوصاف أخرى!

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ترتبط كلمة (فاشوش) في المفهوم الشعبي بالشيء الذي لا طائل فيه، ولا نفع منه، وهي كلمة فصيحة، و(الفَشّاشُ) يعني: المحتالُ لفتح الأغلاق بغير مفاتيحها؛ و(فش الشيء): أفرغه من محتواه؛  يقول الشاعر/ شبلي الأطرش:

لا من صديق يفش همي إِذا طفح *** وَلا مِن كَريم الناس إِليه تنقاد.

فـ(فَشَّ همه)، و(فَشَّ غَلِيلَهُ): نَفَّسَ مِنْ غَضَبِهِ؛ يقول الشاعر/ أبو المحاسن الكربلائي (بتصرف):

الا من لقلبٍ لا (يفش) غليله *** وناظر عين لا تجف دموعه

خليلي هلا تسعدان متيماً *** يرى كل يوم في النوى ما يروعه.

ــ و(الفاش) أي: المفتخر والمَتكبر ولا شيء عنده، و(حشرة الفاش): حشرة صغيرة الحجم خفيفة الوزن، كأنها هواء؛ ومنها أتت كلمة (الفِشَّة) أي: الرِئة، وسميت كذلك لكونها تمتلئ بالهواء و(تفشه) أي: تنفخه نفخا تردديا.

ولما كان بعض الأدباء يشبهون تلك (الفِشة)؛ فينتفخون كبرا وغرورا بنفخة هوائية كاذبة؛ أخال الشاعر/ محمد المعولي يقصدهم برسالته الشعرية التالية:

أرَى الدنيا وزخرفَها غروراً *** وكم أرَى للورى فيها سرورا

وأيُّ فتىً يدومُ له سرورٌ *** إذا كان البقاءُ بها قصيرَا

ولو ملك الفَتى مالا عظيما *** وشيَّدَ في ذُرى الدنيا قُصورَا

فما يغِنيه عن شيء عظيمٍ *** من الدنيا إذا سكَن القُبورَا.

فإذا ما حاولنا مرارا أن (نفش وطب كل متكبر فظ) منهم؛ لنعالج تيهه وكبره وغلظته، ظل على طبعه (الفاشوش)؛ يقول الشاعر/ حافظ إبراهيم: 

أَخي وَاللَهِ قَد مُلِئَ الوِطابُ *** وَداخَلَني بِصُحبَتِكَ اِرتِيابُ

رَجَوتُكَ مَرَّةً وَعَتَبتُ أُخرى *** فَلا أَجدى الرَجاءُ وَلا العِتابُ.

ــ ولأن الأدباء انواع؛ نجد منهم: الأديب الفاشوش، والأديبة الحرباء، والأديب الثعلب، والأديبة اللبوءة، والأديب الحوت، والأديبة الغزال، والأديب الثور، والأديبة الضفدعة، والأديب الغراب، والأديبة القطة، والأديب القرد، والأديبة العصفورة، والأديب الطاووس... تشكيلة منوعة من الأصناف البشرية، في لوحة الحياة الأدبية الرائعة المروعة؛ يقول الشاعر/ محمد مهدي الجواهري:

قتَلتَ أصناف الرجال درايةً *** من مستقيمٍ في خطاهُ وكابي

وكشَفتَ كلَّ صحيفة مستورةٍ *** وتركتَها عُرْياً بغير نِقاب

فاذا ادّعىَ ما ليس فيه أتيَتَه *** فيما تُريد، بمَحضَرٍ وكِتاب.

ويقول الشاعر/ الصاحب بن عباد:

الناسُ في أَخلاقِهِم أَصنافُ *** وَأَقَلُّهُم فيهِ نُهىً وَعفافُ

لا تَصحَبَنَّ سِوى التَقِيِّ أَخي الحجي *** اِنَّ القَرينَ إِلى القَرينِ يُضافُ.

ــ غير أن الشاعر/ محمد مصطفي حَمَام له رأي آخر؛ إذ يقول:

علَّمتني الحياةُ أن أتلقّى *** كلَّ ألوانها رضاً وقبولا

أنا راضٍ بكل صِنفٍ من النا *** سِ لئيماً ألفيتُه أو نبيلا

لستُ أخشى من اللئيم أذاه *** لا، ولن أسألَ النبيلَ فتيلا

ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان *** أو يراه على النِّفاق دليلا

فالرضا نعمةٌ من الله لم يسـ *** ـعد بها في العباد إلا القليلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر