نقطة ومن أول السطر (37):
الفرق بين
(العزل) و(العذل)
بقلم/ مجدي شلبي (*)
يدخل هذا المقال من باب الإشادة بثراء
لغتنا العربية، التي تتعدد معاني أي (كلمة) منها، وبخاصة إذا تغير حرف واحد فيها؛
مثال: (زمة/ ذمة)، أو حتى إذا أضفنا إلى الكلمة نقطة؛ مثال: (نفذ/ نفد)... وغير
خاف على أحد تفشي ظاهرة الخلط بين هذه الكلمات، ومن ثم استخدامها في غير موضعها
بطريق الخطأ، ونحن هنا نقصر الحديث حول كلمتي (العزل/ العذل)، ونوضح ــ باختصار شديد
ــ الفرق بينهما؛ بغية المحافظة على لغتنا العربية من ترخية تمثل جورا عليها،
وتهديدا لها:
ــ (أولا): معنى كلمة (العزل):
ــ (العزل) يعني: الإبعاد والفصل،
و(تَعَاَزَلَ القومُ): انْعَزَلَ بَعْضُهم عن بَعَض؛ يقول الشاعر/ مصطفى صادق
الرافعي:
يا من (تعازل) عني *** حفظتُ في البعدِ عهدكْ
فكيفَ حالكَ بعدي *** قد ساءَ حاليَ بعدكْ.
ــ و(كُان بمَعْزِلٍ عنه) أَي: اعتزله
فكُان بموْضع عُزْلةٍ منه؛ يقول الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه):
كن ما استطعت عن الأنام بمعزلٍ *** إِنَّ الكَّثِيْرَ مِنَ الوَرَى
لا يُصْحَبُ.
ويقول المثل: (اعزل عنك ما يَشِينك) أَي: نحِّهِ عنك.
ــ و(العزل) له دلالة أخرى؛ وهي:
عَزْلَ الماء عن النساء حَذَرَ الحَمْل، و(الرجُل يَعْزِل عن المرأة): إذا لم
يُرِدْ ولدَها؛ يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إِنْ شِئْتَ فَاعْزِلْ،
وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَعْزِلْ).
ــ (ثانيا): معنى كلمة (العذل):
ــ (العَذْلُ) هو: اللوم والملامةُ؛ يقول الشاعر/ لبيد بن ربيعة:
سَفَهاً عَذَلْتَ، ولُمْتَ غيرَ مُليم *** وهَداك قبلَ اليومِ غيرُ
حَكيم.
ــ و(سَبَق السَّيْفُ العَذَلَ) هو:
مثل يُضرب لما قد حدث ولا مجال معه للاستدراك أو التراجع، وأَصل ذلك أَن (الشاعر
الحارث المري) ضَرَب رجُلاً فَقَتَله، فأُخْبر بعُذْره فقال: (سَبَق السَّيْفُ
العَذَل).
ــ وقد تأتي (اعْتَذَلَ) بمعني:
اعْتَزَمَ، نقيض (اعتزل) التي تعني: ابتعد، وتنحى؛ يقول الشاعر/ ابن حمديس:
وأبصر الفُرْجةَ همَّ (فاعْتَذَلَ) *** كالليثِ قد أوفى على سرب
النَّعَمْ.
ــ والفرق بين الكلمتين يتضح أكثر؛ في قول الشاعر/ عبد الغفار
الأخرس:
(عذله) اللاّئمون في الحبِّ جهلاً *** وهو في معزلٍ عن اللوَّام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب
مصر