نقطة ومن أول السطر:
الأدباء
والهيمنة الطبقية!
بقلم/ مجدي شلبي (*)
تنبني (الطبقية) على فكرة التنظيم
الاجتماعي القائم على تقسيم الناس إلى طبقات، والتفريق بين تلك الطبقات على أساس
مادي أو اجتماعي أو ثقافي، و(الطبقة الثقافية) على سبيل المثال: لها مرادف في علم
الاجتماع هو (الهيمنة الثقافية)، التي لها دلالات وإشارات ضمنية مشتقة من الكلمة
اليونانية القديمة ἡγεμονία (هيجيمونيا)، التي تعني القيادة والتحكم والسيطرة
والسطوة.
وبسبب هذا التمايز الذي نشأ بين طبقة
وأخرى؛ حدثت توترات في المجتمع، وظهر مفهوم (الصراع الطبقي)، الذي استعاره كارل
ماركس (1818م: 1883م) من بعض المؤرخين الفرنسين الليبرالين مثل: فرنسوا غيزو
(1787م :1874م) واوجوستان تييري (1795م: 1856م)، وأدولف تيير (1797م: 1877م)
وفرانسوا أوغست ماري مينييه (1796 م: 1884م)...
ومعلوم أن صراع الطبقات الاجتماعية هو
مفهوم رئيسي في الفلسفة الماركسية، التي ركزت على سيطرة الطبقة الرأسمالية
(البرجوازية) على الطبقة العمالية الكادحة (البروليتاريا)، معتبرة أنه للقضاء على
(تناحر الطبقات) يجب تحقيق المُساواة بينها، وإزالة الفوارق التي تميز طبقة عن
طبقة من الناس، وصولا إلى (مجتمع لا طبقي)؛ من هنا ظهرت نزعة مضادة (للطبقية)؛
يطلق عليها (اللاطبقية): وهي تتسم بالبعد عن العصبية والروح العشائرية، وتنادي
بتطبيق الاشتراكية والمساواة في الحقوق والواجبات.
المدهش أن النشأة الحديثة (للاطبقية)
سبقتها ـ بعشرات القرون ـ في الصين القديمة جهود الأدباء الذين تصدوا للطبقية من
خلال تعاليم لاوتزو (604 ق.م : 531 ق.م)، تلك التعاليم التي عنيت بحقيقة "أن
الأشياء تتألف من الشيء ونقيضه؛ مثل: الوجود والعدم، الصعب والسهل، الطويل
والقصير، الأعلى والأدنى، الجمال والقبح، الأمام والخلف، القوة والضعف، الحياة
والموت، الذكاء والغباء، النصر والهزيمة. وأن الشيء ونقيضه ليسا منعزلين في
الوجود، بل يتفاعلان بصورة متبادلة...". ومن ثم جاءت فلسفة لاوتزو داعمة
للتفاعل والتآلف بديلا عن التمايز والصراع والتناحر، وداعية للتكامل البشري بعيدا
عن التعالي الطبقي، ومؤكدة على حقيقة أن (اللاطبقية) هي البناء الذي يحفظ المجتمع
من التناحر والصراع، والتشرذم والانقسام.
ورغم كل هذا؛ مازال بعض المثقفين
عموما، والأدباء على وجه الخصوص؛ يمارسون عنصريتهم البغيضة، باعتبارهم الأغنى
ثروة، أو الأجمل شكلا وهنداما، أو الأرفع منصبا، أو الأرقى مكانا ومكانة، أو
الأقوى عصبية ونفوذا؛ يقول الشاعر/ عمرو بن كلثوم:
إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صبِئٌّ
*** تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِديْنَا!.
وهكذا يبلغ عندهم الفخر مداه، ناظرين
باستعلاء لمن حُرموا مما حباهم الله به؛ مفاضلين بين إبداع المبدعين ـ بلا موضوعية
ـ بحسب طبقاتهم الاجتماعية؛ يقول الشاعر/ الفرزدق:
وخير الشعر أكرمه رجالاً *** وشر الشعر
ما قال العبيد!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب
مصر