مفهوم الأدب عند العرب بقلم مجدي شلبي ــ في العدد 43 من مجلة النيل والفرات 15 يونيو 2023

 مفهوم الأدب عند العرب

بقلم/ مجدي شلبي (*)

إن الأصل في كلمة (أدب): دعوة؛ (أدب القوم) على الأمر: دعاهم إليه، وجمعهم عليه؛ ومنها جاءت كلمة (مأدبة): دعوة للطعام؛ والمدعو: مأدوب، والداعي: آدب؛ يقول الشاعر ابن الرومي:

ليس من يأدِبُ إخوانَهُ *** مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ

ويقول الشاعر جبران خليل جبران:

يغشى مآدبها استوفت أطايبها *** واستكملت أدب السادات والخدم

كما وردت (مأدبة) مجازا في الحديث الشريف: (إن هذا القرآن مأدبة الله في الأرض فتعلموا من مأدبته) بمعني: تعلموا من مدعاته (دعوته)، إِلَى مَكَارِمِ الأخلَاقِ وَمحاسِنِ الآداب، ومن ثم اكتسب الأدب في عرف العرب المعنى الأخلاقي: "كل ما ينهانا عن المقابح، ويحثنا على المحامد"؛ يقول رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: (أدبني ربي فأحسن تأديبي). أي: دعاني ووجهني إلى مَحاسِن الأَخْلاَقِ، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)؛ يقول علي بن أبي طالب:

من لم يؤدبه دين المصطفى أدباً *** مَحْضا تَحَيَّرَ في الأَحْوالِ واضطَرَبا

فـ (الأدب) و(الدين) وجهان لعملة واحدة؛ مفادها: الدعوة إلى الأخلاق، يقول الشاعر عمرو بن معدي كرب:

واتْرُكْ خَلائِقَ قَوْمٍ لا خَلاَقَ لَهُمْ *** واعْمَدْ لأخْلاقِ أهلِ الفَضْلِ والأدَبِ

تلك الأخلاق التي تسمو بالإنسان، فتحلق به في الآفاق بجناحي (الدين والأدب)؛ يقول الشاعر أمين تقي الدين:

كست جناحين من دين ومن أدب *** والسر في الطير للسبق الجناحان

ويقول الشاعر صفي الدين الحلي:

صاحِبْ، إذا ما صَحبتَ، ذا أدَبٍ *** مهذبٍ، زانَ خلقهُ الخلقُ

ولا يُعتبر (الأديب) أديبا إلا إذا التزم حدود (الأدب) في إبداعه النصي والسلوكي، الذي يشرف به الإنسان، اتساقا مع المثل: (الشرف بالأدب لا بالنسب)؛ يقول علي بن أبي طالب:

فليس يغني الحسيب نسبته *** بلا (عقل) له ولا أدب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر