مفهوم الأدب عند العرب
بقلم/ مجدي شلبي (*)
إن الأصل في كلمة (أدب): دعوة؛ (أدب القوم) على الأمر: دعاهم إليه، وجمعهم عليه؛ ومنها جاءت كلمة (مأدبة): دعوة للطعام؛ والمدعو: مأدوب، والداعي: آدب؛ يقول الشاعر ابن الرومي:
ليس من يأدِبُ إخوانَهُ *** مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ
ويقول الشاعر جبران خليل جبران:
يغشى مآدبها استوفت أطايبها *** واستكملت أدب السادات والخدم
كما وردت (مأدبة) مجازا في الحديث الشريف: (إن هذا القرآن مأدبة الله في
الأرض فتعلموا من مأدبته) بمعني: تعلموا من مدعاته (دعوته)، إِلَى مَكَارِمِ
الأخلَاقِ وَمحاسِنِ الآداب، ومن ثم اكتسب الأدب في
عرف العرب المعنى الأخلاقي: "كل ما ينهانا عن المقابح، ويحثنا على
المحامد"؛ يقول رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: (أدبني ربي فأحسن تأديبي). أي: دعاني ووجهني إلى مَحاسِن الأَخْلاَقِ، وقال
أيضا عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)؛ يقول علي بن أبي
طالب:
من لم يؤدبه دين المصطفى أدباً *** مَحْضا تَحَيَّرَ في الأَحْوالِ
واضطَرَبا
فـ (الأدب) و(الدين) وجهان لعملة واحدة؛ مفادها: الدعوة إلى الأخلاق، يقول
الشاعر عمرو بن معدي كرب:
واتْرُكْ خَلائِقَ قَوْمٍ لا خَلاَقَ لَهُمْ *** واعْمَدْ لأخْلاقِ أهلِ
الفَضْلِ والأدَبِ
تلك الأخلاق التي تسمو بالإنسان، فتحلق به في الآفاق بجناحي (الدين
والأدب)؛ يقول الشاعر أمين تقي الدين:
كست جناحين من دين ومن أدب *** والسر في الطير للسبق الجناحان
ويقول الشاعر صفي الدين الحلي:
صاحِبْ، إذا ما صَحبتَ، ذا أدَبٍ *** مهذبٍ، زانَ خلقهُ الخلقُ
ولا يُعتبر (الأديب)
أديبا إلا إذا التزم حدود (الأدب) في إبداعه النصي والسلوكي، الذي يشرف به
الإنسان، اتساقا مع المثل:
(الشرف بالأدب لا بالنسب)؛ يقول علي بن أبي طالب:
فليس يغني الحسيب نسبته *** بلا (عقل) له ولا أدب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة
العامة لاتحاد كتاب مصر