انهيار ثقافة الاعتذار! بقلم مجدي شلبي ـ مجلة النيل والفرات العدد 42 الصادر بتاريخ 1 يونيو 2023

انهيار ثقافة الاعتذار!

بقلم/ مجدي شلبي (*)

سوف نلج متن هذا المقال؛ من باب التطرق لدلالة كل مفردة من مفردات عنوانه:

انهيار: تدهور، سقوط، انحلال... ومن عبقرية لغتنا العربية؛ أن مصدر كلمة انهيار: (هور)، ومنه يأتي الفعل (تهور): (تهور على جاره): اعتدى عليه في طيش ونزق.

وفي المقابل تأتي (ثقافة الاعتذار) كسلوك حميد يحمي العلاقات الإنسانية من (الانهيار) الناتج عن (التهور)؛ إذ أن (الثقافة) ليست مجرد الإلمام بالعلوم والآداب والفنون فقط؛ بل (الدين)، الذي يصلح السلوك والآداب؛ هو الركن الركين في الثقافة الأخلاقية، التي تمنعنا من التهور، وتزيل عنا الأوهام والشكوك، وتبعث في نفوسنا الأمل؛ يقول الشاعر/ جبران خليل جبران:

فنون ثقافة رعيت وصينت *** فزال الريب وانتعش الرجاء.

ويوصي الشاعر/ أحمد محرم بالثقافة؛ كسبيل لنهضة الأمم والشعوب؛ فيقول:

ألا ثقفوا الشعب الذي نام جده *** فما ملك الدنيا كشعبٍ مثقف.

هكذا ـ في عجالة ـ تناولنا مفردتي: (انهيار) و(ثقافة)؛ فماذا عن (الاعتذار)؟:

(الاعتذار): التأسف، الندم، التوبة، وضدها: الاستكبار، التجبر، العتو...

ورغم أننا جميعا نرفض الصفات الذميمة ونتبرأ منها، ونعشق الصفات الحميدة ونسعى للتحلي بها؛ إلا أن البعض ما زال يفرق بين (التوبة) و(الاعتذار) فيعتبر الأولى: قوة إيمان، أما الأخرى: فضعف شخصية!، مع أن من يملك شجاعة الاعتذار؛ هو الشريف في تواضعه، المهاب في حيائه؛ يقول الشاعر ابن نباتة المصري:

شرفٌ في تواضعٍ ونوالٌ *** في اعتذار وهيبة في حياء.

إن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه؛ هو أول الطريق لإصلاح النفس وتهذيبها، وعلاجها من آفة الغرور والتكبر. الذي يوصلنا لما حذر منه عنوان هذا المقال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر