نقطة ومن أول السطر:
دعوة لاحترام الكبار
بقلم/ مجدي شلبي (*)
يقول/ مصطفى صادق الرافعي:
"لكم سادتي أجلُّ احترامي ***
وعليكمْ تحيتي وسلامي
وإليكم أسوقُ عني حديثاً *** حكماً
جلَّ قدرها في الكلام".
لقد كنا شبابا في يوم من الأيام؛ فلم
نتباه بقوتنا وقدرتنا وعلاقاتنا، ولم نستغل تلك القوة والقدرة والعلاقات في إيذاء
أحد، أو النيل منه، أو التهكم عليه، أو التحريض ضده، بل كنا نحترم الكبار أيا ما
كان مظهرهم، أو منصبهم، أو المصلحة المرتجاة منهم.
كان جيلنا يقدر الكبار وحكمتهم، ويحترم
سنهم، وضعفهم؛ فكان عونا لهم، ولم يكن أبدا عونا عليهم، أو ساخرا منهم؛ يقول
الشاعر/ إيليا أبو ماضي:
كَم قَبلَ هَذا الجِيلِ وَلّى جيلُ ***
هَيهاتَ لَيسَ إِلى البَقاءِ سَبيلُ
ضَحِكَ الشَبابُ مِنَ الكُهولِ
فَأَغرَقوا *** وَاِستَيقَظوا فَإِذا الشَبابُ كُهولُ.
لقد حملنا قلوبا مفعمة بالمشاعر
الإنسانية المتدفقة لكل الناس، وبلا رياء ولا نفاق. وتعاملنا بوضوح وصراحة؛ في
الوقت الذي ذهب فيه الوفاء وسادت المخاتلة والمواربة والخداع؛ يقول/ علي بن أبي
طالب (كرم الله وجهه):
ذَهَبَ الوَفاءُ ذِهابَ أَمسِ الذاهِبِ
*** فَالناسُ بَينَ مُخاتِلٍ وَمُوارِبِ
يَفشونَ بَينَهُمُ المَوَدَّةَ
وَالصَفا *** وَقُلوبَهُم مَحشُوَّةٌ بِعَقارِبِ.
جيلنا رفض ارتداء الأقنعة، ولم يمارس
المسوح. جيل آثر الآخرين على نفسه، ومنحهم من وقته وجهده الكثير، دون انتظار
لمقابل مادي أو حتى معنوي، وتحمل بكل صبر وعطف إساءة البعض إليه، على نحو ما يتحمل
الأب هفوات أبنائه؛ يقول الشاعر/ لسان الدين بن الخطيب:
إذا لمْ تُهَذِّبْكَ الأُبوّةُ والحجُّ *** فأنْتَ علَى فوْتِ الجَنى ثَمَرٌ فَجُّ.
فشكرا لكل من تهذب في تعامله مع
الكبار، واستمد من جيلنا القدوة والعبرة والمثل؛ فطابقت أفعاله أقواله، وسعى للعطف
على الأصغر (سنا)، واحترام الأكبر (سنا)، ليس من باب الاقتداء فقط؛ ولكن من باب الرحمة والإنسانية،
التي يدعو لها الدين ذاته؛ يقول الشاعر/ أحمد زكي أبو شادي:
من علم الآداب إنسانية *** شعت بإشراق
الصباح لثائر
من لقّن الإيثار دينا للورى *** كأخيه
واستبقا استباق الغافر.
لقد كبرنا، وكبرت معنا همومنا
وأحزاننا، وعللنا وأمراضنا؛ ولسنا في حاجة لمزيد من مسبباتها؛ فدعونا نقضي ما تبقى
من عمرنا في هدوء، بعيدا عما يزيدنا أسى وأسفا وألما وحزنا، وبكاء، بل ونحيبا؛
يقول الشاعر/ احمد علي سليمان عبد الرحيم:
كفكفِ الدمعة، أحرقتَ المآقي *** كيف
تحيا في سراديب الشقاق؟
والخطوب الهُوجُ تترى يا فؤادي ***
وأنا عانيت خُذلان الرفاق.
اللهم وفق الجميع لما يحب ويرضى،
وسلمكم من كل مكروه وسوء، ومتعكم بالصحة والسعادة، وأبعد عنا وعنكم كل ما يعكر صفو
حياتكم أيها النبلاء الكرام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر