نقطة ومن أول السطر: الكتابة والتواصل الاجتماعي بقلم/ مجدي شلبي

 نقطة ومن أول السطر:

الكتابة والتواصل الاجتماعي

بقلم/ مجدي شلبي (*)

إن كل نص مكتوب يحمل رسالة، ويعبر عن قضية، ويهدف الكاتب من خلال منشوره للتواصل مع القارئ ـ تواصلا افتراضيا ـ لحثه على التفاعل مع ما كتب، والإعجاب به؛ على نحو ماأشار إليه، وأكد عليه العالم اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير: "إن اللغة هي نظام من أنظمة الاتصال" وهو اتصال تفاعلي بين الكاتب والقارئ، وبين الناقد والنص المكتوب.

ولأن طبائع البشر ليست سواء؛ فمنهم الخير ومنهم الشرير؛ فلا يخلو نص مكتوب إلا وتدور أحداثه بين خير وشر، أو جمال وقبح، أو حب وكراهية، ويعمل الكاتب على خلق جو مشحون بالعواطف من خلال التعبير عن واقع يعيشه ـ يسعده أو يشقيه ـ ملمحا أو مصرحا بأن حقد وحسد وغيرة وإهمال الآخرين؛ هو السبب فيما يشعر به ويعانيه.

فإذا ماكان النص عاطفيا؛ راح يتغزل في محبوبته، ويفصل مفاتن جسدها بلا حياء، ثم يستجدى عطفها على الهواء ـ من خلال قصيدة (عصماء)!، طالبا منها مبادلته غزلا بغزل، وإعجابا بإعجاب؛ على طريقة (زي ما أحبك؛ حبيني)‍!.

وفي بانوراما صفحات التواصل الاجتماعي؛ يتبع الغزل والمدح، الهجاء والقدح!، ويلي المنشور المادح؛ منشور فاضح رادح!... وهو ما يدفعنا الآن لطرح سؤال هام: هل نحن نكتب ـ عموما ـ رغبة في التنفيس عن ضغوط اجتماعية أو عاطفية، على نحو ما يقول الكاتب الأمريكي إيزاك أسيموف: (الكتابة عندي أشبه بالتنفس)، أم أن الكتابة هي مجرد رغبة في كسر حاجز العزلة والوحدة، والانطلاق من الضيق إلى السعة؛ اتساقا مع مقولة الكاتب البلجيكي جورج سيمنون: (أكتب لأني حين لا أفعل أشعر بالضيق)؛ أم نكتب لكون الإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه؛ اتساقا مع مقولة الأديب الكولومبي جابريل ماركيز: (أكتب لكي أنال المزيد من حب أصدقائي)، أم نكتب لنؤثر في غيرنا وندفعهم للتفكير على نحو قول الأديب البرازيلي جورج أمادو: (أكتب لكي يقرأني الآخرون، ولكي أؤثر فيهم، ومن ثم استطيع المشاركة في تغيير الواقع)، أم أن الكتابة أضحت عندنا هي عملنا الوحيد وشغلنا الشاغل؛ كما يقول الأديب الألماني جونتر جراس: (أكتب لأني لا أملك أن أعمل عملأ آخر)، أم نكتب لأننا نعشق الكتابة؛ اتساقا مع مقولة الأديبة الفرنسية فرانسواز ساجان: (أكتب لأنني أعشق الكتابة)، أم أننا نكتب ليكون مانكتبه جسرا لخلودنا بعد الوفاة؛ على نحو ما ذكر الأديب التشيكي ياروسلاف سايفرت: (أكتب تعبيرا عن الرغبة الكامنة في كل إنسان في أن يخلف وراءه أثرا)؟.

أم نكتب كما يقول ـ العبد لله ـ (أكتب لأثبت لنفسي أنني مازلت على قيد الحياة)؟.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر