فحول الشعراء بين الرشد والحمق بقلم/ مجدي شلبي

نقطة ومن أول السطر:

فحول الشعراء بين الرشد والحمق

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ما يكاد يطل علينا عيد من الأعياد حتى نردد قول المتنبي:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ *** بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ.

وكأنها حكمة ونغفل عن أن المتنبي في ذات القصيدة قد عبر عن عنصرية بغيضة؛ بقوله:

لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ *** إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ.

فإذا ما انتقلنا لبيت شعر لأبو نواس ـ يتسم بالحكمة والرشد ـ يقول فيه:

فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً *** حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ.

نجده هو نفسه في قصيدة أخرى يعبر عن المجون والانحلال الأخلاقي؛ بقوله:

غنينا بالحرامِ عن الحلالِ *** وعن (...) الغواني بالرجال.

فإذا ما انتقلنا لبيت حكمة للأخطل يدعو فيه لصالح الأعمال؛ بقوله:

وَإِذا اِفتَقَرتَ إِلى الذَخائِرِ لَم تَجِد *** ذُخراً يَكونُ كَصالِحِ الأَعمالِ.

نجده هو نفسه يتهكم في قصيدة أخرى على أحد فروض الدين الإسلامي وشعائره؛ بقوله:

ولست بصائم رمضانَ طوعاً *** ولَسْتُ بِآكِلٍ لحْمَ الأضاحي

وَلَستُ بِقائِمٍ كَالعيرِ يَدعو *** لَدى الإِصباحِ حَيَّ عَلى الفَلاحِ.

فإذا ما انتقلنا إلى بيت حكمة شهير للفرزدق؛ يقول فيه:

فَما المَرءُ مَنفوعاً بِتَجريبِ واعِظٍ *** إِذا لَم تَعِظهُ نَفسُهُ وَتَجارِبُه.

نجده هو نفسه يبحث عن المنفعة عن طريق المدح والنفاق بشعره؛ فيقول:

رَأَيتُ سَماءَ اللَهِ وَالأَرضِ أَلقَتا *** بِأَيديهِما لِاِبنِ المُلوكِ القَماقِمِ

وَكُنتَ لَنا غَيثَ السَماءِ الَّذي بِهِ *** حَيِينا وَأَحيا الناسَ بَعدَ البَهائِمِ.

فإذا ما وجدنا ابن الرومي ينتقد النفاق والمنافقين؛ بقولة:

ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثَعْلَبا *** وأبى السماحةَ لؤمُهُ فاستكلبا.

وجدناه هو نفسه ـ في قصيدة أخرى ـ يفعل فعل من انتقدهم؛ فيقول:

عيدٌ يعود كعود عُرفك دائما *** نلقاك فيه مثلَ عرضك سالما

تُعطي فيهدم جودُ كفك ثروةً *** وتشيد أنت معالياً ومكارما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر