أغلى ساعة عمل فى العالم !
* مجدى شلبى
إذا كانت الأجازة هى الفترة التى يرتاح فيها الإنسان من عناء العمل بكفاح .. ليعود إليه بعدئذ بهمة ونشاط .. فقد بات الآن العمل هو الفترة التى يمضيها الإنسان بتكاسل ورتابة .. فى انتظار الأجازة على أحر من الجمر .. كى يرتاح من الراحة المجهدة .. وينام على نومه فى العسل أو العمل لا فرق !
واستجابة لتلك الحاجة تكاثرت الأجازات بمناسبة وبغير مناسبة .. فلم تكتفِ وزارة (الأجازات!) بعطلة الجمعة الأسبوعية والتى يسبقها يوم الخميس (نصف يوم) .. فمنحت العاملين يوم سبتهم أجازة إسبوعية إضافية .. ليصبح أسبوع العمل أربعة أيام ونصف .. وحيث أن ساعات العمل محددة طبقاً للقانون بست ساعات فى اليوم .. يمضى منها ساعة لتناول الإفطار فى المكتب .. وساعة فى التعقيب على نتيجة مباراة كرة القدم فى الليلة البارحة أو فى مناقشة مسلسل السهرة أو فيلم الإثارة .. وساعة فى تناول الشاى والقهوة .. وساعة فى تحدى لافتة (ممنوع التدخين) بكل زهو وغرور و(ألاطة) .. وساعة فى مساومة البائع الجائل الذى اعتاد عرض بضائعه على الزبائن فى المصلحة .. يتبقى من زمن العمل ساعة إما أن (يزوغها) بدرى .. وإما أن يقضيها فى التلاعب بالمواطنين والضحك على ذقونهم بعبارة اكتسبت شهرة وأضحت شعاراً (فوت علينا بكره) .. وإما بركل المعاملة المطلوبة إلى غير مختص .. ليعيدها إليه مرة أخرة .. على طريقة (حاورينى ياطيطة) !!
وحتى لا يعتقد البعض أننى أبالغ أو أطلق أحكاماً جائرة راجعوا تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات والذى قدر الزمن الذى يقضيه الموظف فى العمل الحقيقى المثمر بنصف ساعة فى اليوم .. وحيث أن عام العمل بعد خصم يومى العطلة الأسبوعية أصبح 256 يوماً .. نخصم منها أيام العطلات الرسمية السنوية مثل: أعياد رأس السنة وعيد الربيع وعيد العمال وعيد الثورة وعيد الفطر وذكرى 6 أكتوبر وعيد الأضحى وعيد الأم وعيد الحب وعيد الشجرة .. و(عيد النخلة وعيد الوردة وعيد الفلة وعيد الشوكة!!) فضلاً عن الأجازات العرضى والمرضى وخطوط السير الوهمية .. يصبح الناتج 200 يوماً فى السنة (يعنى أكثر من ثلث السنة أجازات!) ... وعليه فعطاء الموظف خلال السنة يساوى 100 ساعة عمل .. يعنى حوالى 8 ساعات فى الشهر .. فإذا كان متوسط راتب الموظف 600 جنيه شهرى .. يعنى دخله ـ ومن غير حسد ـ هو خمسة وسبعون جنيهاً فى الساعة .. يعنى الدقيقة عمل بجنيه وربع !
فيالها من ساعة عمل عظيمة الأجر والقيمة سواء فى الدنيا أو الآخرة .. ويا لتلك الأجازات المتتابعة ... وساعات الثرثرة .. من قيمة مُضيعة مُهدرة !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** منية النصر ـ محافظة الدقهلية ـ مصرنُشر بموقع شبكة الإعلام العربية (محيط) رابط :