عددوا.. ولا "يهمكم"!
مجدي شلبي
لقد أدهشني ما جاء بمقال الأخ بدر بن راشد أبا العلا المنشور بصفحة الرأي بجريدة "الرياض" يوم 26رمضان الحالي بعنوان (بلا مكياج لنكن معاً.. يامها!!) ومرجع دهشتي أنه كال بمكيالين وطفف في ميزان العلاقة الزوجية لصالح بني جنسنا من الرجال (الخناشير).. على حساب النسوة القوارير!!
فقد طالب باحالة الزوجة للتقاعد - "بعد ان ازدادت شيباً وترهلاً وأصابها من المرض ما يهد الجبال" - أما الرجال فطبقاً للثقافة الذكورية لا يهرمون ولا يشيبون.. ولا يموتون إلاّ وقوفاً!!
كما اعتبر انتشار العنوسة دافعاً مشجعاً للتعدد وأغفل حقيقة ان القضاء على تلك الظاهرة أو الحد منها.. لا يكون بعلاج أعراضها.. دون معالجة دوافعها وأسبابها فإذا كانت هناك علاقة بين التقاليد المتزمتة والعنوسة - على نحو ما أورد من مقارنة بين المرأة السعودية وغيرها - فهناك علاقة بين التبرج والعنوسة أيضاً في بلدان أخرى.. كما ان البطالة وتدنى مستوى الدخول يعد أحد تلك الأسباب.. في الوقت الذي تدخل المغالاة في المهور من باب (طلبوها تعززت.. وتركوها تندمت).. وأياً ما كانت الأسباب الدافعة أو بالأحرى المانعة.. لا ينبغي ان نضع الحل في كبسولة مسكنات اسمها (التعدد) لأننا إذا اكتفينا بمعالجة العرض.. استأصل المرض واستفحل واستعصى على العلاج.
لقد أضحيت أنظر بتوجس وحذر إلى من يطلقون شائعة ان الرجال على وشك الانقراض.. والجنس الآخر أعدادهن في ازياد.. معتقدين أنهم بهذا يرفعون قيمة أسهمهم في سوق الزواج!!
إن مبدأ المحاصصة والذي يعنى اقتسام خير الزوج مادياً وجنسياً.. على طريقة توزيع الحصص (لكل زوجة حصة).. يعنى ببساطة ان تنال كل زوجة ربع قدرة الزوج.. وربع دخله.. وربع عاطفته واهتمامه.. بسبب الأزمة الناشئة عن نقص أعداد المحروسين من العيون (الرجال)!
ومن داخل الخندق الحصين للأخت مها العبدالرحمن أجدني أقاوم بشدة مسألة التعدد.. مع التأكيد على الالتزام بما أقره الشرع.. وفي ذات الوقت وبذات الالتزام لا يجوز لأي أحد ان يجتزئ من كلام الله.. ما يفسره على هواه دون التزام بسواه من أحكام مرتبطة به ومكملة له.. فإذا كانت مسألة تعدد الزوجات تخضع لاشتراطات منها العدل بينهن وهو ما يعد معضلة تضاف إلى الإمكانيات المتواضعة لرجل اليوم.. والتي لا تكفى لاشباع ربع امرأة (مادياً وعاطفياً) فكيف به يظلم أربعاً أو ثلاثاً أو اثنتين أو حتى واحدة بحالها!
فما الذي جعل الرجال الآن يبالغون في الاهتمام بقضية التعدد ويلحون في مطلبهم باعتباره حقهم.. في الوقت الذي هم أدرى فيه بحالهم وإمكانياتهم؟
رغم ان هذا السؤال الكاشف يدخل من باب البكاء على اللبن المسكوب والدخل المحدود والصحة التي لن تعود.. ومحاولة اثبات الوجود بعد ان فات الأوان.. إلاّ ان ثقتهم في الدعم الخارجي من منشطات على كل شكل ولون.. هي التي دفعتهم الآن إلى المبالغة في هذا الاهتمام متكئين على حائط قصير الطول لا يستر.. ووقتي المفعول لا يدوم!!
كما ان استخدام الأقراص الزرقاء والخضراء والبيضاء يعد غشاً يخفى واقع الضعف الجنسي لرجل في احتياج.. لمعاونة في أداء مهام الزواج من واحدة.. فما بالكم بالثانية والثالثة والرابعة!!
وطالما بقيت الحال على ما هي عليه.. و"التعدد قادم بقوة على أجندة المجتمع".. كما ذكر البيه أطالب تلك الجمعية الذكورية المشار إليها من باب التنويه.. بأن تصرف تمويناً شهرياً للزوج المسكين - الذي زاغ بصره ذات الشمال وذات اليمين - من أقراص المقويات والفيتامين وتعلق له على نفقة الجمعية أسبوعياً قارورة محاليل.. ويرفعوه (مرابعة) إلى فراش الزوجة الثانية وهو في النزع الأخير.. في الوقت الذي تسترق السمع وتختلس البصر زوجتاه الثالثة والرابعة.. بكل يأس وضجر.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر بجريدة الرياض بتاريخ 9/10/2008 رابط :
http://www.alriyadh.com/2008/10/09/article379502.html
البطالة والنوم فى العسل !
* مجدى شلبى
بين البطولة بمعنى (الشجاعة) والبطالة بمعنى (التعطل) مسافة كالتى بين السماء والأرض .. فإذا توغلنا فى معاجم اللغة بحثاً عن معنى (تَبَطَّلَ) نجدها من الأضداد فهى تعنى : تشجع... وتعنى : تعطل ... وتعنى : اتبع طريق اللهو والجهالة... و- تبطل القوم : تَداولُوا الباطَل... والبطال المتفرغ والمتعطّل والكَسول .. ورجل بطَّال أي ذو باطل بيّن البُطُول ج بطّالون ... وبطَل الأَجير بالفتح ، يبطُل بطالة وبِطالة أَي تَعَطَّل فهو بطال
ولما كانت (البطالة) بمفهومها السائد تعنى التعطل عن العمل قسراً مما يستوجب منح العاطلين (إعانة بطالة) طبقاً لاتفاقية النهوض بالعمالة والحماية من البطالة (رقم 168) التى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية ... يضحى (الاستبطال) عن العمل أى عدم السعى للحصول على عمل اتكاءاً على هذا الحق .. أمراًَ مخالفاً لتلك الاتفاقية وخارج نطاق حق الإنسان فى العمل والتكسب منه وإثبات قدراته .. بل يجب فرض غرامة على هؤلاء المستبطلين عن العمل باعتبارهم عالة على مجتمعهم ومهدرون لطاقاتهم فيما لا يفيد .. وبخلاء عليه بحرمانه من عطائهم الذى ينبغى أن يعود على الجميع بالخير العميم ..
إن (البطالة) كلمة أصبحت مملة ، وتبعث على التثاؤب ، من كثرة استعمالها ، سواء بادعاء الإحساس بفداحة أخطارها ، أو محاولة وضع الحلول لها ، والوصفة السحرية لمقاومة الأرق ، أن تقول في سرك (تم حل مشكلة البطالة) عشرين ألف مرة قبل النوم ، وادع لي وللإخوة العاطلين عن العمل والمستبطلين أيضاً .. فحينئذ سيباغتك النوم فى العسل فوراً !!
ثم تصحوا بعد ليلة .. أو بعد شهر .. أو بعد سنة .. أو بعد قرن .. لتجدهم مازالوا يتناقشون ويتحاورون حول قضية البطالة دون الوصول إلى حل لها !!
** منية النصر ـ محافظة الدقهلية ـ مصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر بموقع شبكة الإعلام العربية (محيط) رابط :
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=173364