رحلة معاناة على ظهر سلحفاة ! (2 من 3)
* مجدى شلبى
* مجدى شلبى
مازال الحديث موصولاً عن رحلة المعاناة على ظهر سلحفاة فى سبيل وصولنا بسلامة الله حاولت أن أفلسف الموقف الحالى بغية التخلص من حالة الضيق والملل وأقضى على السأم فقلت : كلنا على سفر ، وتنتهى أعمارنا عند محطة الوصول ، فلماذا نتعجل الوصول إلى الدار الفانية ونخشى الوصول إلى الدار الباقية !
لم يقتنع عقلى بهذه الأفكار التشاؤمية فعمدت للدخول من باب عمل الفسيخ شربات (وهو غير فسيخ صاحبنا الذى لايقبل التحويل والتبديل فهو من النوع المعتق الأصيل) ! ... فقلت بينى وبين نفسى : ألا يكفينا وجود تكييف ليس له مثيل فى السجون أو الزنازين !
ثم أنه سجن متحرك بحرية تتميز بالرفاهية ! الركاب من كل اتجاه يستخدمون هواتفهم المحمولة من باب التأكيد على حرية أصواتهم وقدرتها على الانطلاق من أسر السواق !... وهى وسيلة مضمونة لطلب النجاة إذا لاقدر الله طال بنا المقام أياماً واحتاج الأمر استدعاء الزوجة والأبناء للزيارة !
الجالس بجوارى رجل طاعن فى السن لايفتأ بين الفينة والأخرى أن يسأل : احنا فين دلوقتى يا ابنى ؟ ... لكنه هذه المرة سأل سؤالاً آخراً فى ارتياب وقد بدت عليه علامات التوتر والاضطراب : ممكن أطلب من السائق أن يتوقف لقضاء حاجة ؟ ... لم ينتظر الرجل أن تأتيه الإجابة وانطلق نحو السائق بلا لجاجة وطلب منه فى صوت كالصراخ : أنزلنى هنا يا أسطى .... نظر إليه فى المرآه ولم يعره اهتماماً .... فعاود الطلب بنبرة فيها رجاء وحياء .... فرد السائق بلهجة تتسم بالحسم : ما اقدرش ... ممنوع أقف فى الطريق ... كلها 3/4ساعة ونصل أجا وعندئذ ابقى انزل براحتك تكاثفت السحب وسقط المطر فى عز الصيف ، وأصاب البلل أرض الباص ... ورغم محاولة الرجل إخفاء هذا الانفلات الاضطرارى إلا أن هواء التكيف نقل عنه رسالة مفادها (عملتها) ! انشغل البعض بتصفح مجلة مقلوبة فى الوقت الذى اشرأبت رقاب البعض الآخر ممعنين النظر إلى مابها من صور خادشة للحياء !
أبطأ الباص من سرعته أكثر حتى كاد يتوقف ليتيح لبائع المشروبات الغازية أن يصعد .... ـ أيوه حاجه ساقعه هنا ؟ ـ معايه بسكويت بربع جنيه .. أربعه بجنيه (تعجبت كيف تكون القطعة الواحدة بربع جنيه والأربع قطع بجنيه ، يبدو أن صاحبنا ضليع فى الحساب ويوفر على الركاب عناء التفكير فيكفيهم ماهم فيه !) نظر الركاب شذراً نحو صاحبنا الأكول خشية أن يشترى بسكويت ، ونحو العجوز خشية أن يزيد الطين بله ! أما وقوف الباص على رأس أناس يبيعون بصل ... فتفاصيل ماحصل
فى اللقاء القادم بإذن الله إذا كان فى العمر بقية
** منية النصر ـ الدقهلية ـ مصر
لم يقتنع عقلى بهذه الأفكار التشاؤمية فعمدت للدخول من باب عمل الفسيخ شربات (وهو غير فسيخ صاحبنا الذى لايقبل التحويل والتبديل فهو من النوع المعتق الأصيل) ! ... فقلت بينى وبين نفسى : ألا يكفينا وجود تكييف ليس له مثيل فى السجون أو الزنازين !
ثم أنه سجن متحرك بحرية تتميز بالرفاهية ! الركاب من كل اتجاه يستخدمون هواتفهم المحمولة من باب التأكيد على حرية أصواتهم وقدرتها على الانطلاق من أسر السواق !... وهى وسيلة مضمونة لطلب النجاة إذا لاقدر الله طال بنا المقام أياماً واحتاج الأمر استدعاء الزوجة والأبناء للزيارة !
الجالس بجوارى رجل طاعن فى السن لايفتأ بين الفينة والأخرى أن يسأل : احنا فين دلوقتى يا ابنى ؟ ... لكنه هذه المرة سأل سؤالاً آخراً فى ارتياب وقد بدت عليه علامات التوتر والاضطراب : ممكن أطلب من السائق أن يتوقف لقضاء حاجة ؟ ... لم ينتظر الرجل أن تأتيه الإجابة وانطلق نحو السائق بلا لجاجة وطلب منه فى صوت كالصراخ : أنزلنى هنا يا أسطى .... نظر إليه فى المرآه ولم يعره اهتماماً .... فعاود الطلب بنبرة فيها رجاء وحياء .... فرد السائق بلهجة تتسم بالحسم : ما اقدرش ... ممنوع أقف فى الطريق ... كلها 3/4ساعة ونصل أجا وعندئذ ابقى انزل براحتك تكاثفت السحب وسقط المطر فى عز الصيف ، وأصاب البلل أرض الباص ... ورغم محاولة الرجل إخفاء هذا الانفلات الاضطرارى إلا أن هواء التكيف نقل عنه رسالة مفادها (عملتها) ! انشغل البعض بتصفح مجلة مقلوبة فى الوقت الذى اشرأبت رقاب البعض الآخر ممعنين النظر إلى مابها من صور خادشة للحياء !
أبطأ الباص من سرعته أكثر حتى كاد يتوقف ليتيح لبائع المشروبات الغازية أن يصعد .... ـ أيوه حاجه ساقعه هنا ؟ ـ معايه بسكويت بربع جنيه .. أربعه بجنيه (تعجبت كيف تكون القطعة الواحدة بربع جنيه والأربع قطع بجنيه ، يبدو أن صاحبنا ضليع فى الحساب ويوفر على الركاب عناء التفكير فيكفيهم ماهم فيه !) نظر الركاب شذراً نحو صاحبنا الأكول خشية أن يشترى بسكويت ، ونحو العجوز خشية أن يزيد الطين بله ! أما وقوف الباص على رأس أناس يبيعون بصل ... فتفاصيل ماحصل
فى اللقاء القادم بإذن الله إذا كان فى العمر بقية
** منية النصر ـ الدقهلية ـ مصر
تاريخ التحديث :- توقيت جرينتش : الأربعاء , 14 - 5 - 2008 الساعة : 8:10 صباحاًتوقيت مكة المكرمة : الأربعاء , 14 - 5 - 2008 الساعة : 11:10 صباحاً
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=124056
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=124056
رحلة معاناة على ظهر سلحفاة ! (3 من 3)
مازال السائق يتمتع بالهدوء القاتل ويستمتع بتعذيب الركاب وإثارة غضبهم وحنقهم ... فهو كلما رآهم بدأوا التكيف مع هذا البطىء فى حركة السير ، عمد إلى الإبطاء أكثر .. حتى أضحى سيره للخلف أقرب !مما دفع بعض الركاب إلى الدعوة لصلاة حاجة لعل الله يفك بها كربنا ويفرج همنا وغمنا ويوصلنا قبل انقضاء الشهر سالمين !ماكادت تلهج الألسنة بالدعاء والرجاء حتى توقف الباص استجابة لإشارة ونداء وكأنها استجداء : ـ حاسب يااسطى كنا فى هذه الأثناء قد وصلنا إلى قرية نقيطة حيث يفترش بعض التجار مساحة من الأرض وأمامهم أجولة من البصل الأحمر توقف الباص (الله أكبر .. الله أكبر) !ونزل السائق لشراء جوال بصل يسعد به المدام .. أكثر من دخوله عليها بباقة ورد وريحان !ـ هو واقف ليه ؟ـ بيشترى بصل !ـ صاح العجوز متذمراً : ألم يقل قبلاً أنه ممنوع الوقوف فى الطريق .. يعنى هو حلال له وحرام علينا ؟!!تعاطف الركاب مع وجهة نظره وتحليله .. إلا أنهم كظموا غيظهم خشية استخدام السائق لسلاح الدم البارد الذى (يفقع).. ولايجدى معه لوم ولاينفع !وبعد أن صعد الجوال وصاحبه إلى الباص اندفع السائق على غير عادته فى القيادة فأخذ يقلد لعبة أتارى السيارات فى المروق والاختراق ... ـ اللهم صلى على النبى !!ـ مالذى حدث لهذا السائق ؟! ـ أكيد رائحة البصل (فوقته) !ـ يعنى (مافيش) توسط واعتدال : إما هدوء قاتل وإما سرعة مجنونة قاتلة أيضاً !ـ هانت ياجماعة كلها ربع ساعة ونوصل بالسلامة وعقب الوصول ... أصابنا الذهول : فقد تغيرت معالم الشوارع وسمات الوجوه ، وأخذ المواطنون ينظرون إلينا بخليط من نظرات الفزع والاندهاش والإشفاق ... وكأننا عائدون من بلاد الواق واق ، فاقتربت من أحد الرفاق وسألته عن السبب وراء هذا التعجب الذى يدعو للعجب !!وقبل أن تأتينى الإجابة صحوت من نومى فزعاً على صوت زوجتى :ـ قُمْ (ياسبعى) قُمْ ... حمداً لله على السلامة !!
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=124056&pg=1
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=124056&pg=1