برودة الصمت وحرالرة الشجار !ـ

بين برودة الصمت (المنزلى ) وحرارة الشجار (الأسرى) !

* مجدى شلبى

مقدمة : (إن رقة المشاعر ليست دليلاً على ضعفها ... بل هى دليل على حيويتها وقوتها)

بين برودة الأجواء وحرارة المشاعرهناك مساحة رحبة من الاعتدال العاطفى يجب ارتيادها وإلا تجمدت الحياة الزوجية ومات جذع حبها ... وعندئذ تصبح عودتها للحياة شبه مستحيلة حتى لو توافرت لها فيما بعد كل وسائل الإنعاش والإفاقة إن البيوت الصامتة تشبه إلى حد بعيد بيوت الوحشة !رغم أن علاقة الحب علاقة تشاركية يتبادل خلالها الزوجان مشاعر الألفة والمودة ......فما أحلى أن يتمثلاً وصف الزواج بأنه إكمال للنصف الآخر ... وامتزاج بين روحين ....

ومعاهدة إخلاص ووفاء وصدق إن الذين يؤثرون الصمت على البوح والكلام ، والذين يفضلون الاستعلاء على التفاهم والانسجام ، قد حرموا أنفسهم قبل غيرهم من نعمة السكينة والاطمئنان ... فالتزام الصمت كما ذكرت الآن يوحى بالوحشة والغربة ويبعث على الخوف والرهبة ، وليس أبداً دليل وقار أو مدعاة للتقدير والاحترام ... فالزوج الصامت يشبه الجثة التى تسير على قدمين ، متبلد الشعور بارد العاطفة

تلك البرودة التى ماتكاد تصيب العلاقة بأعراض انفلونزا الزواج ! ومن عجب أن يحيا بعضهم خارج حظيرته بغير المنهاج الذى يسير عليه مع زوجته ، فتجده باشاً ودوداً وليس متجهماً جحوداً !! إن برودة الأجواء داخل المنازل تعكس أحياناً الوجه الآخر لحرارة الأجواء خارجها وتعبر عن تناقض فاضح يمارسه بعض الأزواج الذين يرتدون العديد من الأقنعة ويهددون استقرار الأسرة ...

فانهيار المنازل يبدأ من التصدع العاطفى وانعدام الحوار داخلها .... ... وغير خاف على أحد أن الحوار يولد حرارة تدفىء القلوب ، أما التجهم فهو نذير شر يوقوع شجار يولد حرارة تحرقها فإذا كانت القدرة على الحوار تقاس بالوعى والعقل والقلب ، والقدرة على الشجار تقاس بالحصان و(الحمار)! ... أفلا يستحى المتشاجرون من مقياس قدرتهم ... فيسارعون للعودة إلى رشدهم فيحكمون عقولهم !

إنه لشىء مخجل أن يتشاجر الأبوان (الكبار) ، فيحاول الأبناء (الصغار) التهدئة والتوفيق بينهما ... وإنه لشىء مخجل أن يصبح شجار الأبوين بمثابة رسالة تحذيرية للأبناء، مفادها (إياكم أن تفكروا فى الزواج مستقبلاً) !.... وإنه لشىء مخجل أن يصبح بعض الأبناء شهود إثبات أن آبائهم مجانين رسمييين ! ... وإنه لشىء مخجل أن تستمر علاقة الزواج فى ظل طلاق معنوى ! ... وإنه لشىء مخجل أن نُخلف أبناءاً ونحملهم بخلافاتنا (بنات الدهر) : أى شدائدة ومصائبة ، وعودهم مازال أخضراً !

... وإنه لشىء مخجل أن ينطلق لساننا أثناء الشجار بأبشع السباب الذى ننهى أطفالنا عنه ! ... إن (الشجار) من شجر : ماؤه الغضب، وثماره الشر، وعاقبته الندم !فضلاً عن أن الشجار الزوجى أمام الأبناء ليس شأناً خاصاً بالآباء ، بل يجب على المجتمع التدخل الحازم لمنع آثاره الخطيرة ... فالشجار الزوجى يفتح الباب واسعاً أمام قضايا ومشكلات مجنمعية خطيرة، منها قضية أطفال الشوارع، وقضية الإدمان، وقضية عداء المجتمع، وقضية انحدار الأخلاق وتدنى القيم، وقضية انتشار العقد والأمراض النفسية، وقضية الانعزالية وانحلال الروابط الاجتماعية، وهلم جرا !

ومن عجب أن ينتج (الأبناء) من (بناء) الزوج بزوجته :(أى دخوله بها) ثم نعرضهم نفسياً (للهدم) ! ... وقد تنعكس الخلافات الزوجية على الأبناء فى صورة عداء للمجتمع باعتباره لم يوفر لهم المناخ الآمن داخل أسرهم !... وقد تنعكس الخلافات الزوجية على الأبناء فيهرعون إلى المخدرات التى تغيب عقولهم بعيداً عن تلك الأجواء الصادمة والمحبطة !

...وقد تنعكس الخلافات الزوجية على الأبناء فتلتقطهم أيدى الخبثاء فيجرونهم إلى طريق الانحراف ! إن الأبناء هم ضحايا تلك الخلافات بلا ذنب ولاجريرة غير أن حظهم العسر أوقعهم فى كنف أسرة حولت السَكينة التى ترحم إلى سِكينة تقطع وتذبح !

** منية النصر دقهلية مصر

نشرت بموقع محيط الإخبارى رابط :

http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=91451