النص الكامل لمقالي المنشور في مجلة (النيل والفرات) العدد 35 ـ الصادر في 15 فبراير 2023
نقطة ومن أول السطر:
ظاهرة (الاستعلاء) في الوسط الأدبي!
بقلم/ مجدي
شلبي
قبل الولوج
للحديث عن ظاهرة استعلاء بعض الأدباء على بعض الزملاء، تلك الظاهرة المرتبطة
بالعنجهية الحمقاء؛ علينا أن ندرك أولا: أن معنى (الاستعلاء) في العلوم اللغوية:
ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف، ومن ثم فهو وصف لحركة اللسان،
(الذي يستأهل قطعه في بعض الأحيان)!.
ومادمنا إزاء
وصف تلك الحركة اللسانية في ارتفاعها، وجب (ليكتمل النطق) أن يتبع هذا الصعود؛
هبوط اضطراري؛ وهو ما يطلق عليه
(الاستفال)، ويعني في العلوم اللغوية: انخفاض اللسان، أي انحطاطه، عن الحنك
الأعلى.
ورغم أن
اكتمال النطق يرتبط بتلك الحركة التبادلية بين الارتفاع والانخفاض، الصعود
والهبوط؛ فقد تعددت مخرجات الكلمة التي ينطق بها اللسان؛ إما أن تشنف الآذان وتطرب
الوجدان، بسيمفونية ود وحب وتقدير
واحترام، وإما أن تكون لحنا نشازا يتسم بالعشوائية الحمقاء، المعبرة عن الطيش
والرعونة والغباء.
وهي الحالة
المَرَضية ـ بفتح الميم والراء ـ التي أمست واضحة بجلاء على بعض (الأدباء)، الذين
اتخذوا من استعلائهم على زملائهم، منهجا وسلوكا، رافعين اللواء والنشيد: (أنا
المبدع الوحيد، وغيري فالصوا وتقليد).
ومن عجب أن
تمتد حالة الاستعلاء من لسان هؤلاء؛ إلى بقية الأعضاء، فتجدهم يسيرون بتطاول وغرور
وخيلاء، رافعين أنوفهم نحو السماء؛ مستنكفين من النظر إلى غيرهم، وهم بجاهليتهم
يعبرون عن جهلهم، بالحقيقة الواضحة بجلاء؛
وهي أنهم خُلقوا من تراب، وإليه يعودون؛ يقول الشاعر/ أبو الفضل البستي:
يا مَـن
تكبَّـرَ حـين ســاعـدَهُ *** إقبـالــه بزخـارِفِ النـعــمِ
مهلاً فقد
أُوجدتَ من عَدَمٍ *** وتصيرُ عن كَثَبٍ إلى عدم.
فعودوا إلى
رشدكم أيها الفضلاء قبل فوات الأوان، ولا تتعالوا على زملائكم الأدباء في أي مجال
ومكان؛ وليستجب كل منا لنصح الشاعر/ فرنسيس مراش:
تواضع تكن
كالنجم لاح لناظر ***على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تـك
كالدخـان يرفـع نفســه *** إلى طبقات الجوّ وهو وضيع.