نيش الأدب، وصندوق العجب! ـ بقلم مجدي شلبي

نيش الأدب، وصندوق العجب!

بقلم/ مجدي شلبي (*)

في لغتنا العربية (العبقرية): يأتي الفعل (نَاشَ) بمعان كثيرة؛ منها: (نَاشَ بالشيء): تعلَّق به، و(نَاشَ الشيءَ): طلبه، وأصر عليه، و(نَاشَ فلاناً خيراً): أَنالَه إيَّاهُ.

ولما كان (النيش) في مفهومنا الشعبي: مجرد دولاب له أبواب من الزجاج الشفاف؛ يُظهر مابداخله من أطباق وأكواب وكؤوس وفضيات، و(ينوش البعض به: يتعلقون)؛ لزوم الفشخرة والوجاهة والمنظرة، و(تنوشه العروس: تطلبه وتصر عليه)، ليكون ضمن جهازها؛ فـ(يُنيشه لها والدها: ينيلها إياه)، ثم مانلبث أن نكتشف أن مابه من معروضات مبهجة؛ بلا وظيفة محددة، ولا غاية مسددة؛ يقول الشاعر/ أبو العلاء المعري (بتصرف):

تنُوشُ العروس (بالنيش)، *** فَلَيتَ مآربَها لم تُنَش.

فإذا ما أسقطنا تلك الظاهرة (النيشية) على الحياة الأدبية؛ وجدنا (النيش الأدبي)؛ أضحى هو الآخر مخصصا ـ فقط ـ للفرجة على صور الأدباء، في كل مؤتمراتهم، وملتقياتهم، وصالوناتهم، وجل ندواتهم الأدبية، وهو ما يذكرنا بـ(صندوق العجب)، الذي لا يمنح الناظر إلا الصور المكررة؛ اتساقا مع قول الشاعر/ عبدالرحمن العشماوي:

وأمامه دار على جدرانها *** صور يجدد رسمها ويعاد.

فما الذي استفدناه من رؤيتنا لصورهم (النيشية)، أو (النيشانية)، التي يعرضونها على (صفحاتهم/ صناديق عجبهم) عن اجتماعاتهم الأدبية، دون إشارة تذكر عن مضمون وتفاصيل ونتائج تلك الاجتماعات؟!.

إن من حق الأدباء أن يقفوا على أسباب ابتهاج هؤلاء، ليشاركوهم الانتشاء بانتهاء الاجتماع الذي أفضى إلى تلك السعادة الغامرة، البادية على صورهم، والتي توحي بتحقيقهم انتصارا للأدب والأدباء على قوى الجهل والتجاهل، وغلبة للجوهر على المظهر، وللمضمون على الشكل، وللباطن على الظاهر، وللمقاصد على القشور، وللمبادئ والقيم على (الفهلوة) والانتهازية، وأختتم مقالي بقول الشاعر/ رشيد ياسين:

أبت طباعي أن أجاريَهُمْ *** وأحيد عن قيم بها كفروا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر