الإبداع المجاني!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإبداع المجاني!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي
لن تجد إبداعا مجانيا إلا عند الأدباء؛ الواحد منهم يهتم ببنات أفكاره، اهتمام المجنون بأبنائه؛ يسهر الليالي الطوال في تربيتهن، و تجميلهن، فإذا شببن عن الطوق و أصبحن في أبهى صورة؛ يحمل على عاتقه سداد شبكتهن و مهرهن، و يزيد على هذا كله؛ فيوصلهن عطية بلا ثمن إلى كل من هب و دب، و بدلا من أن يقيم لهن الأفراح و الليالي الملاح؛ يتسلل إلى الندوات و المؤتمرات و الصالونات، موزعا على الحضور نخب إبداعه المسكر؛ ظنا منه أنهم سيتمايلون منه إعجابا، و به طربا، إلا أنه في الأغلب الأعم؛ لا أحد يهتم؛ فما جاء سهلا ذهب سهلا...
و يبدو أن المنظمون لتلك الندوات و المؤتمرات و الصالونات الأدبية، قد علموا أن كلمة السر التي تجتذب الشعراء كذباب الموائد هي عبارة: (ندوة شعرية) فأضحوا يضيفون إلى ختام برامجهم الدعائية، تلك العبارة السحرية، حتى لو لم تكن هناك علاقة قوية بين هذا و ذاك، على طريقة عندنا: (سمك لبن تمر هندي) و هو (تمر هندي) لا يصبه الشعراء في كؤوس الحاضرين، بل يدلقونه دلقا على رؤوسهم؛ فترتفع الأكف لتجفف الوجوه و الثياب؛ فيعتقد الشاعر أنه قد نال بأكف التأفف إعجابا ليس كمثله إعجاب!.
و على طريقة: (أبو بلاش أكثر منه) اكتظت القاعات بهم، و الصراع بينهم، و تحكم المنظمون فيهم؛ هذا يلقي قصيدته بزئير أسد، و تلك تلقيها بغنج لبوءة... ثم يخرج الجميع بحصاد الهشيم؛ متحسسين جيوبهم الخاوية، عائدين إلى بيوتهم بـ(خيبة أمل راكبة جمل)!.
فيا أيها الأدباء و الشعراء أفيقوا يرحمنا و يرحمكم الله، و اجعلوا لإبداعكم قيمة، و لا تنثروه هباء؛ حافظوا على هيبتكم الأدبية، التي حولتها المجانية إلى (خيبة قوية) و اعلموا أنه لا يوجد إبداع في العالم ـ حتى في المهن الإنسانية ـ بلا عائد مادي.

ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد.