عام على غياب محمد صادق دياب بقلم: مجدي شلبي

عام على غياب محمد صادق دياب
في مثل هذا الشهر من العام الماضى رحل الكاتب و الباحث و الصحفى السعودي الكبير محمد صادق دياب، الحاصل على الماجستير في علم النفس التربوى من جامعة ويسكنسن الأمريكية، و شهادة الدكتوراة في علم الاجتماع، غير أنه ـ رحمه الله ـ لم يود أن يُلقب بالدكتور، و تلك سمة من سمات شخصيته النادرة...
رحل محمد صادق دياب الذي كان يفخر ـ على غير ما اعتاد أهل البلاد ـ بكونه أبو البنات ( غنوة و سوسن و سماح )...
رحل محمد صادق دياب في لندن حيث انتهت به محاولات العلاج من المعاناة؛ بالوفاة بعيداً عن أرض الوطن...
بعيداً عن معشوقته ( جدة ) حيث مواسم الجدب و البحر و المطر و مناخات أحيائها التاريخية بعبقها الأثير إلى نفسه...
بعيداً عن معشوقته جدة التي خصها بالعديد من المؤلفات التاريخية و الاجتماعية و القصصية منها:
ـ المفردات العامية بمدينة جده.
ـ جدة التاريخ و الحياة الاجتماعية.
ـ 16 حكاية من الحارة ( مجموعة قصصية )
ـ امراة و فنجان قهوة ( مقالات و نثر و قصص )
ـ ساعة الحائط تدق مرتين ( مجموعة قصصية )
ـ عباقرة الفن و الأدب... جنونهم و فنونهم
ـ الأمثال العامية في الحجاز
ـ يوميات ( مجموعة قصصية قصيرة جداً نُشرت إلكترونيا )
ـ مقام حجاز ( رواية ) نشرت قبل وفاة الأديب الكبير بشهر واحد.
لقد كان محمد صادق دياب ـ رحمه الله ـ عاشقاً للسفر و الترحال إلى مصر ( حيث كان يتقن التحدث بلهجة أهل مصر إتقاناً مدهشاً )، و إلى لبنان حيث جبال عرمون ( و "الطريق يتلوى كالثعبان بين أشجار الزيتون و الصنوبر و سحب الضباب و فجر لبنان الذي يحاول أن يطل لتوه من رحم العتمة..."
رحل الجداوي الأصيل الذي ذهب في رحلته للعلاج حاملاً الأمل و الرجاء في الشفاء، لكنه عاد محمولاً على الأعناق التي ما فتئت تعترف بفضله و علمه و مساعدته و تشجيعه للعديد من المعلمين و الكتاب و الأدباء، و ( العبد لله كاتب هذه الكلمات ) واحدا من هؤلاء الذين شملهم بكلماته المشجعة الرائعة "أنت كاتب ساخر ساحر مبدع" "اكتب يا مجدي بإصرار فستثقب جدار الظلمة يوماً"...
لقد كانت بداية معرفتي بالراحل الكريم يوم الاربعـاء 28 ذو القعـدة 1426 هـ / 28 ديسمبر 2005 يوم أن نشر لوحته الأدبية السوريالية بعنوان ( الدوار ) في العدد 9892 من جريدة الشرق الأوسط، حيث جاءت تعليقات القراء على نحو استفزني و حفزني للتعليق الذي كان نصه: "أدهشنى هذا المقال البديع الذي يستعصي على القارئ البسيط، لكونه أشبه بلوحة سوريالية، تعتمد على التداعي النفسي و التجول في أعماق العقل الباطن، تمزج بين الحلم و الواقع، و معلوم أن المدرسة السوريالية تعمد إلى الخروج إلى ما بعد الحقيقة، و التحليق خارج أطر الواقع، لتحقق هدفاً سامياً و مقصوداً، هو تحرير الإنسان من سيطرة العالم الخارجي. شكراً للكاتب المبدع الذي يملك بحق ناصية البيان، بجميع صوره وأشكاله."
و فوجئت في ذات اليوم برسالة منه على الإيميل؛ كانت البداية لعلاقة طيبة جمعت بيننا على مائدة الأدب...
الأدب الذي آثره دياب من زمن ـ على العمل في التدريس حيث عمل في البداية بمعاهد إعداد المعلمين، ثم تقاعد مبكراً ليتفرغ لإثراء الساحة الأدبية و الصحفية بداية من العمل في صحيفة المدينة، ثم صحيفة البلاد، ثم مديراً لتحرير مجلة سيدتي، ثم رئيساً لمجلة إقرأ، ثم مديراً لتحرير مجلة الجديدة... إلى أن تم تعينه رئيساً لتحرير مجلة الحج و العمرة التي تصدرها وزارة الحج السعودية، إضافة إلى كونه كان كاتباً يومياً بجريدة الشرق الأوسط .
محمد صادق دياب الذي ولد في بيت قال عنه: "بيت يتكئ على سور المدينة العتيق بحارة البحر ـ الحي الذي يسكنه البحارة و الصيادون بمدينة جدة"، و دفن يوم الأحد 10 أبريل 2011 في مقبرة في حي العمارية وسط مدينة جدة، وهى مقبرة حواء ـ حيث ساد الاعتقاد بأن أمنا حواء ماتت و دفنت بها و هو أحد مصادر تسمية جدة باسمها ـ وهكذا نام عاشق جدة فى أحضان أمه بهدوء ملائكي...
رحم الله فقيدنا الكبير و أديبنا القدير و معلمنا الجليل و ألهم أهله و ذويه الصبر و السلوان، وإنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول و لا قوة إلا بالله العلى العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُر تقريري هذا في موقع دنيا الرأي بتاريخ 4/4/2012