تلك ظاهرة محيرة ومقلقة أضحت تهدد الكثير من البلدان ويُطلق عليها اختصاراً ظاهرة أطفال الشوارع ، الذين يدفعهم الفقر المدقع والحرمان من الرعاية الأسرية والحماية الأبوية إلى التشرد بكل توابعه : بدءاً من المتاجرة بأشياء تافهة إلى امتهان أعمال طفيلية كتنظيف زجاج السيارات في التقاطعات أو مسح الأحذية على المقاهي وفى الحدائق ، وصولاً إلى أعمال التسول والسرقة وإدمان المسكرات والممارسات الجنسية الشاذة .
إن التعامل الأمني مع تلك الظاهرة في كثير من الأحيان يتم بصورة جماعية دون تفرقة بين حالة وأخرى ، مما يعمق الإحساس بالظلم لدى هؤلاء فيضاف إلى قهر الظروف التي ليس لهم يد فيها ، قسوة التعامل الأمني أيضاً ، فينقمون على المجتمع وهذا هو مكمن الخطر لهذا يستوجب الأمر التعامل مع هؤلاء بطريقة تربوية سليمة ، بأن يعوضهم المجتمع عن ما فقدوه من رعاية واهتمام فيتكفل بهم ويعطيهم حقهم في العيش الآمن الكريم حتى لا يصبحوا محبطين فيستغل معاناتهم عتاة المجرمين فيحولونهم إلى قنابل موقوتة تهدد أمن المجتمع وسلامته (فمعلوم أن المعاناة تولد طاقة هائلة إما أن تكون نافعة دافعة وإما أن تكون مخربة مدمرة)
إن تواجد البعض منهم عند إشارات المرور يُعد إشارة حمراء لنا لنتوقف ملياً أمام تلك الظاهرة قبل الانطلاق إلى حال سبيلنا ، إنهم ليسوا فى حاجة إلى أموال بقدر حاجتهم إلى رعاية واهتمام من قِبل المسئولين عن الشئون الاجتماعية فهل نكتفى بإشهار قانون منع التسول فى وجوههم قبل دراسة أحوالهم كل على حده ووضع الحلول المناسبة لها ؟هذا هو السؤال الذى يبحث عن إجابة فى عقل وقلب كل مسلم غيور على دينه حريص على كرامة إخوانه فى الدين والوطن إن (مكافحة التسول) مقصود بها مكافحة أسبابه ووضع الحلول المناسبة للقضاء على تلك الظاهرة ، وهى غير (مكافحة المتسولين أنفسهم ومحاولة الإمساك والفتك بهم على طريقة لعبة القط والفأر) !
إن حالة هؤلاء أضحت حرجة ولن تجدى معها المسكنات بل ربما تُزيدها تدهوراً ، فألا ينتبه المجتمع لتلك الإشارة الحمراء التى تدعوه للتوقف عندها وهو فى سبيله للانطلاق الآمن إلى الأمام ؟
بقلم : مجدى شلبى
منية النصر الدقهلية مصر