طائرٌ يُغرِّد بجَناحٍ واحِد!
بقلم/
مجدي شلبي (*)
هل
رأيتم طائرا يطير مغردا بجناح واحد؟!
يأتي هذا السؤال الاستنكاري ليكشف عوارا
أدبيا، صنعناه بأيدينا، ثم ها نحن نعاني من تبعاته؛ فرغم أن جناحي الأدب؛ هما: (الشعر)
و(السرد)؛ نلاحظ في كل الأمسيات، وجل الفعاليات الأدبية؛ أن الاحتفاءً يكون كبيرًا
بجناح (الشعر)، على حساب (السرد)؛ مما دفع جل الأدباء لتفضيل ممارسة الشعر؛ فأحسن
وأبدع بعضهم، وأساء وأخفق غيرهم.
ومع تنامي ذلك الاهتمام المفرط بالشعر؛ دخل
ـ كل من هب ودب ـ عنوة و(بالعافية) من هذا الباب؛ سعيا وراء إلقاء الضوء عليه،
وفرض الإعجاب به، وتقديم قرابين الولاء له، باعتباره (شاعرا)، وهو في الأصل
(متشاعر)، تصدق فيه رباعيتي:
لا تحسبن الشعر ملكك يا فتى *** إن القريض
الحر منك قد اشتكا
أغراك (مسحوب) بيسر ركوبه *** فشرعت تتحفنا
بتلك (العكعكا)!.
والأدهى والأمر أن يواري بعضهم عجزه عن
النظم؛ فيسطو على أشعار غيره وينسبها لنفسه؛ ليكون له تحت جناح الشعر مكانا
ومكانة، غير عابئ بوجود جناح آخر للأدب؛ قد يكون هو المناسب له، وقد يكون هو الذي
يستطيع الإبداع فيه؛ فيطمس ـ بإصراره ـ مواهب قد تكون لديه في القص أو الرواية أو
المقال... جريا وراء ما اعتدناه من اهتمام بالشعر والشعراء، على حساب اهتمامنا
بالسرد والساردين.
لقد أمسى الشعر مهيمنا على الأوساط
الأدبية؛ والنموذج الفج الدال على تلك الهيمنة: أن أكثر من 90% من أعضاء الأندية
الأدبية (شعراء) و(متشاعرين)، وهو ما أخل بالتوازن الأدبي المطلوب والمنشود، وهمش
دور السرد والساردين ـ المجيدين ـ في الأمسيات والندوات والملتقيات الأدبية.
صحيح أن (الشعر ديوان العرب)، ويجب
الاهتمام به وبناظميه البارعين، لكن دون أن نغفل الفنون السردية: التراثية منها والحداثية؛
ليتمكن أدبنا العربي المعاصر من التحليق بجناحيه، مغردا في سماء الأدب العالمي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر