2ـ مفهوم النهاية عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم؛ أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي، وهو الشاعر أبو عبادة الوليد بن
عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، الذي عُرف بـ(البحتري): لقصر قامته، وها هو يتجه
(افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة؛ منشدا:
إن جَرَى طالباً نهاية فخر *** أحْرَزَ السّبقَ، فائتاً أصْحَابَهْ
لا تَخَف عَيلَتي وَتِلكَ القَوافي *** بَيتُ مالٍ ما إِن أَخافُ ذَهابَه
ـ فيضيف الشاعر حافظ ابراهيم:
الناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا *** عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ
وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً *** بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ
الإِملاقِ
وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ *** تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ
الإِخفاقِ
ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:
يا مُنقِذي، ويدُ الزّمان تَنُوشُني *** ومقيل جدي وهو كاب عاثر
خفض عليك فللأمور نهاية *** وإلى النهاية كل شيء صائر
ـ فيكمل الشاعر الأحنف العكبري:
نهاية الشوق ما يأتي على المهج *** وغاية الصبر ما يدني من الفرج
وما على محرج فاضت مدامعهُ *** يوم الفراق على الخدّين من حرج
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
ألم يك في وجدي وبرح تلددي *** نهاية نهي للعذول المفند
يَهونُ عَلى الحَسناءِ إِغرامُ مُغرَمٍ *** بِها لَم يُهَوِّن مِنهُ
إِسعادُ مُسعِدِ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
كأن منها منذرا هتفا *** بلغ المسير نهاية، فقِفا
لم أيها الداعي هواك دعا *** والدهر يأبي أن نظل معَا
ـ فتكمل الشاعرة نازك الملائكة:
هذه المقبرة المظلمه *** نهاية المسعى, فيا للشقاء
أبعد هذي الجنّة الملهمه *** نسقط، فوق الشوك، صرعى الفناء
ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:
نهايةُ ما سَما لعُلاكَ أرْضُ *** وأشرفُ ما زَكا لنَداك بَعْضُ
تَقاصرَ دونَ هِمَّتك ارتفاع *** وضاق ببعضها سعةٌ وعرض
ـ فيضيف الشاعر جميل صدقي الزهاوي:
فضاؤُك هل يصير إلى انتهاءٍ *** أم الأبعاد ليس لها انتهاءُ
وبعد نهاية الأجرام قولي *** خلاءٌ في الطبيعة أم ملاءُ
أُحبُّ ضياء أنجمك الزواهي *** فأحسنُ ما بأنجمك الضياءُ
نجومك في دوائر سابحاتٍ *** يحف بها المهابة والبهاءُ
ـ فيقول الشاعر الأمير الصنعاني:
لك البشارة هذا منتهى أربي *** من الزمان وهذا كل مَطَّلبي
وذا نهاية آمالي وجملة ما *** أرجوه من زمني في سالف الحقب
فليت شعري أصدق ما يقال لنا *** من اللقا واجتماع الشمل عن كثب
أفق أفق أيها القلب الذي عبثت *** به الصبابة بين اللهو واللعب
فسيئات الهوى بالوصل قد محيت *** والذنب يغفر بالآتي من القرب
ـ فيكمل الشاعر أبو الهدى الصيادي:
حبيبي إنني لك
متلهفاً *** وشوقاً والفراق
له حسام
وجرح البعد قرح
لب قلبي *** فهل بالقرب
يدركه التئام
لعمري إنما
الدنيا خيال *** وكل بداية فلها
ختام
وكل قضية فلها
انقضاء *** وكل نهاية فلها
تمام
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
نَصَبتِ لَنا
دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا *** أَمانِيَّ يَفنى العُمرُ مِن قَبلِ أَن تَفنى
لِكُلِّ امرِئٍ
فيما قَضى اللَهُ خُطَّةٌ *** مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى
وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ ***
لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى
ـ فيقول الشاعر
كعب بن زهير:
لَو كُنتُ
أَعجَبُ مِن شَيءٍ لَأَعجَبَني *** سَعيُ الفَتى وَهُوَ مَخبوءٌ لَهُ القَدَرُ
والمرءُ مَا
عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ *** لا تَنْتَهِي العَيْنُ حَتَّى يَنْتَهِي الأثَرُ
ـ فيقول الشاعر
إبراهيم ناجي:
ولقد أقول هوى
كما بدأ انتهى *** فإذا الهوى وافى النهاية عادا
وأراك كل الزهر
كل الروض أنت *** لديَّ كلُّ خميلةٍ تتهادى
ـ فيقول الشاعر
جبران خليل جبران:
هذي النهاية
عقبي النهى *** وذاك الثراء لهذا الثرى
نظيرك مبتكرا
مبدعا *** شهابا سنيا ندى ممطرا
ـ فيكمل الشاعر
الشريف المرتضى:
بلغَ النَّهاية
َ في الورى *** وكأنّه ما إنْ تناهى
وإذا تولَّى
خُطَّة ً*** عن قومِه فَرْداً كفاها
وعموا عن
العلياءِ شا *** هقة َ المحلِّ وقد رآها
كانوا نجومَ
الأرضِ سا *** مقة ًوهمْ موتى ثراها
دَرَجوا فما
للعينِ بَعْـ *** ـدَ فراقِهم إلا بُكاها
ـ فيضيف الشاعر
الواواء الدمشقي:
لكلَّ شيءٍ
نهاياتٌ تبيدُ وَما *** للوعة ِ الحبَّ في قلبي نهاياتُ
إنَّ
المُحِبِّينَ إنْ أَخْفَوْا مُحَاذَرَة ً*** هواهمُ فلهمْ فيهِ علاماتُ
لا آخذَ اللهُ
منْ قلبي بهِ كلفٌ *** صبٌّ قدِ استحكمتْ فيهِ الصباباتُ
ـ فيقول الشاعر
أبو إسحاق الألبيري:
الشيب نبه ذا
النهى فتنبها *** ونهى الجهول فما استفاق ولا انتهى
يا ويحه ما با
له لا ينتهي *** عن غيه والعمر منه قد انتهى
فإلى متى ألهو
وأفرح بالمنى *** والشيخ أقبح ما يكون إذا لها
ـ فيقول الشاعر
عماد الدين الأصبهاني:
أنهي إليكم أن
صبري منتئ *** بل منته والشوق ليس بمنته
أما عقود
مدامعي فلقد وهت *** وأبت عقود الود مني أن تهي
فالروض من حلل
الربيع أنيقة *** والروض من حلي الشقائق مزده
أجدى وأسمح من
يديه فجودها *** عند الغيوث إذا انتهت لا ينتهي
ـ فيقول الشاعر السري الرفاء:
ليسَ التجلُّدُ
شِيمَة َ العُشَّاقِ *** إلا إذا شِيبَ الهَوى بنِفاقِ
سَفَرٌ رَجَوْتُ
به النِّهاية َ في الغِنَى *** فبلغتُ منه نِهاية َ الإِملاقِ
مثلَ الهِلالِ
أَغَذَّ شَهْراً كامِلاً *** فرَماه آخرُ شَهْرِه بمَحاقِ
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
تركت الهوى بعد المشيب لأهله *** وراجعني حلم لسَلمى يصارم
رفعت منار المجد فيها وحلَّقت *** خوافٍ إلى جوِّ العُلى وقوادم
إليك انتهى الفعل الجميل بأسره *** وما تنتهي إلاّ إليك المكارم
مكارم ترتاح النفوس لذكرها *** وفيها الغنى يرجى ومنها الغنائم
ـ فيكمل الشاعر محمد فضولي:
سما قدر السماحه والجمال *** ببدر لاح من فلك الكمال
على افق العلى بدرٌ تمام *** اتم بيان قدرة ذي الجلال
تكمّل حسنه باتم وجهٍ *** بحمرة خده وسواد خال
تجاوز عن مناسية التساوي *** بقدفي نهاية الاعتدال
تبارك خالق اعطاه حسنا *** تنزه عن مشابهة المثال
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
يا غلاماً نهاية الحُسن فيه *** ما رأت مثله العيون غلاما
قد رأيناك يوم جدٍّ وهزلٍ *** قد نهرت الأفكار والأفهاما
فاقتطفنا من الرياض وروداً *** وسمعنا من الدراري كلاما
وانتشقنا نسيم رقّةِ لفظ *** كنسيم الصَّبا ونشر الخزامى
أَنْتَ أعلى من أن يقال كريمٌ *** إن عَدَدْنا من الأنام الكراما
ـ ويختتم الشاعر البرعي الملتقى (الافتراضي)
الأول لفحول الشعراء العرب؛ حامدا الله وشاكرا له سبحانه وتعالي:
لَك الحمد موصولا بغير نهاية *** وَأَنتَ الهى ما أَحق وَما أحرى
لَك الحمد حمد أَنتَ وَفقتنا له *** وَعلمتنا من حمدك النظم وَالنثرا
لَك الحمد تَعظيما لوجهك قائما *** يخصك في السراء منى وَفي الضرا
لَك الحَمد حمد اطيب أَنتَ أَهله *** عَلى كل حال يشمل السر والجهرا
لَكَ الحَمد كم قلدتنا من صَنيعة *** وَأَبدلتنا بالعسر يا سيدي يسرا
لَك الحمد كم من عثرة قد أقلتنا *** ومن زلة أَلبستنا معها سترا
لَك الحمد كم خصصتني ورفعتني *** عَلى نظرائي من بَني زَمَني قدرا
الهى تغمدني برحمتك الَّتي *** وَسعت وَأَوسعت البرايا بها برا
وقوّ بروح منك ضعفي وَهمتي *** عَلى الفقر واغفر زلتي واقبل العذرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/10/15/534961.html