نقطة ومن أول السطر (31):
(النَّصُّ) بين
المبدع واللص
بقلم/ مجدي شلبي (*)
الأصل في معنى (النَّصُّ): الرقي،
والإِبَانَة؛ (نَصَّ الشَّيْءَ): رَفَعَهُ، أَظْهَرَهُ. ومنها جاء (النَّصُّ
المكتوب) بمعنى: صيغةُ الكلام الأصلية التي وردت من المؤلف (المبدع) أي مرفوعة
عنه، ومنسوبة إليه؛ بوضوح جلي، لا يحتمل المماحكة أو التأويل.
فإذا ما نشر المبدع نصه، وسعى لحفظ حقه
واسمه؛ اغتصب اللص نصه، ونسبه إلى نفسه، وكأنه من بنات أفكاره، وهي (سرقة أدبية)
إما أن تكون (بالنصِّ والفصِّ) أي: حرفيًّا، بدون أدنى تغيير، أو بإجراء بعض
التعديلات الشكلية؛ رغبة في التستر والتمويه، وهو سلوك يتوافق مع طبيعة سراق النثر
أو الشعر على حد سواء؛ يقول الشاعر/ البحتري:
أجلى لُصُوصَ البلادِ يَطلُبُهُمْ، ***
وَبَاتَ لصُّ القَرِيضِ يَنتَهِبُهْ.
ولا شك أن
تهافت السراق لنهب إبداع غيرهم، واستحلاله لهم، ونشره بأسمائهم؛ هو لون من ألوان
السطو والنشل والسلب، الشائعة منذ زمن بعيد، وتأتي تلك السرقات إما من بعض المجهولين
الجهلاء، الذين يسعون نحو الأضواء سعيا وراء الشهرة (إذ النص المسروق ينُصّهم: أي يقعدهم على المنصة)، وإما من
بعض المشاهير سعيا وراء مزيد من الشهرة، وغني عن القول ما أثبتته دراسات نقدية حول
سرقات المتنبي وغيره من فحول الشعراء العرب، وهو ما اعتبره البعض مجرد (تناص)،
ورآه البعض الآخر عين السرقة و(التلاص)!؛ يقول الشاعر/ أحمد علي سليمان عبدالرحيم:
أيا سارقَ
الأشعار نفسَك تخدعُ *** ويوماً تُلاقي كل ما تتوقعُ
أتسرقُ
إحساساً، وأنت عديمُه؟ *** أتحسَبُ أن السطوَ يُعْلي ويرفع؟
ما قيمة
الأشعار تُسرَقُ جهرة؟ *** وهل كاذبٌ في المجد والعز يَطمع؟
ومنذ قليلٍ
تعرضُ الشعر واثقاً *** كأنك في عَرض القريض سميدع
وأنت على
التحقيق أشقى مُدَلس *** تقول: أنا ليث، وإنك ضفدع
أفقْ من أمَان
كاذباتٍ وخدعةٍ *** فإنك بعد الوهم قد تتفجّع
كمثل فتىً
آتاه ربي جدائلاً *** فيسطو عليها فاقدُ الوعي أصلع
ويزعمُ أنْ
هذي ستُودي بصَلعةٍ *** ولكنه مهما تجمّلَ أقرع
فيا سارقَ
الأشعار أقصِرْ، ورُدّها *** وتُبْ لمليك الناس، فالتوب أنجع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب
مصر