هيا بنا نعمل

هيا بنا نعمل
*مجدى شلبى


إن شبح البطالة الذى يخيم على العديد من البلدان، دفع الكثيرين إلى البحث عن فرص عمل خارج بلدانهم، وهو نوع من السعى المطلوب شرعاً وديناً.... وقد أدى هذا التدافع لاكتظاظ سوق العمل فى البلدان التى هاجروا إليها ... مما أدى لتدنى الأجور فخرج المواطن من سوق العمل أو كاد ... تاركاً للوافد الجمل بما حمل !

ورغم أن حق المواطن أن تكون له أولوية فى الحصول على عمل داخل بلده، إلا أن حق أصحاب الأعمال أيضاً أن يبحثوا عن ما يحقق مصالحهم الاقتصادية دون اعتماد على معيار مفاضلة عنصرى

إن الشباب السعودى ليس أقل علماً وخبرة وقدرة على العمل المنوط به من غيره، إلا أنه يحتاج إلى مزيد من الثقة فى قدراته وإمكاناته والدفع به نحو تحمل المسئولية وعليه فإن إسلوب السعودة الأنجح لن يتأتى بالقرارات الفوقية التى تفرض قسراً، بل يجب أن يمارسه أبناء البلد بأنفسهم .... بمعنى أن يستعملوا سلاح المنافسة فيدخلوا المضمار... ويقبلوا بالأعمال البسيطة والأجور المتدنية..... وعندئذ لن يمر قليل وقت حتى يحدث الإحلال فى الأعمال التى أقبلوا عليها بهدوء تام ودون ضجيج .

إننا فى مجتمع يحتاج لجهد كل فرد من أفراده فى كل مجال من مجالات الحياة، فلا ينبغى أن يجلس أحدنا على أريكة الانتظار آملاً أن تأتيه الوظيفة على طبق من فضة.

ستحل مشكلة البطالة متى انحلت عقدتنا الأزلية ونظرتنا الدونية للأعمال الصغيرة وكأنها أعمال حقيرة. فنرفضها ونستبطل فى انتظار وظيفة أو (عمل حساس ) !....

فلم لا نستفيد من الحكمة البليغة التى ترمز إليها بكل وضوح وجلاء ظاهرة عمل الرسل والأنبياء، فهم عليهم السلام لم يكتفوا بالدعوة إلى الله مع عظم قدر وقيمة وأهمية هذا العمل، لكنهم كانوا مثلاً يقتدى فى العمل الحرفى واليدوى أيضاً.

وهم بهذا قد أرسوا الأساس الذى تنبنى عليه حياة البشر. إننا فى حاجة ماسة لبث روح العطاء فى نفوس أبنائنا حتى يشبوا على فضائل المروءة والشهامة والتعاون والاعتماد على النفس، والقضاء على روح التكاسل والاتكالية والأنامالية.....
وحيث أن العمل شرف والعمل عبادة، فمن هذا الأحمق الذى يحرم نفسه من تلك العبادة وهذا الشرف ! ودعونا نستنفر طاقاتهم بسؤال وارد : أليس مخجلاً أن يتطلع الوافد إلى فرصة، يثبت من خلالها قدرته على العطاء والعمل، والخروج من ضيق العيش إلى سعة الرزق، فى سعى دؤوب ورغبة عارمة فى تغيير وضعه للأفضل، فى الوقت الذى يركن فيه بعض أبناء الوطن للراحة والدعة والاعتماد على الغير فى كل صغيرة وكبيرة، فيتأففون من أداء الأعمال الصغيرة وكأنها حقيرة ؟!

ليت ثقافة التقليد تمتد إلى تقليد غيرنا فى العمل والعطاء، لكنها ومن عجب اقتصرت على تقليد بعض الأسر فى التبذير والبذخ والسفه، دون أن نتعلم دروساً مستفادة من شعوب اعتمدت على عطاء أبنائها، فأضحت الآن فى طليعة الأمم. إن السباق يفرض على المتسابقين قانونه الصارم (من لايتقدم يتخلف)، فهل يُعقل أن يخرجنا أبناؤنا بتكاسلهم ودلعهم من مضمار السباق !

أيها الآباء اتركوا أبناءكم يخوضون غمار التجربة ويبحثون عن عمل متسلحين بعزيمة قوية وإرادة لاتلين، امنحوهم ثقتكم أهم من منحهم أموالكم، وسترون عجباً ... سينطلق المارد العملاق من هذا القمقم الذى حبستموه فيه سنوات، وحرمتموه من الانطلاق نحو آفاق المستقبل.

إن الأمل معقود على سواعد الشباب السعودى، القادر على كسب المنافسة فى سوق العمل، دون مساعدة من أحد. خلاصة رأيى أن المشكلة لاتكمن فى الوافدين .... لكنها تكمن فى الكسالى من المستبطلين الذين يرفضون مبدأ المنافسة..... ويتجاهلون أن سوق العمل كأى سوق عرض وطلب !
** منية النصر ـ دقهلية ـ مصر
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=113958